لا أخـفـيـكـم مدى شعوري بالإحباط حينما أقرأ أخبارا محلية تحمل رائحة الخيبة كحوادث العنف والقتل والانتحار، والإصابات المختلفة جراء وقوع أشخاص أو سيارات في حفريات الشوارع، واحتجاجات طلبة الجامعات، والسخط من قسائم (ساهر) والاستياء من عدم استلام مكافآت (حافز) وتأخر تعيين المعلمين والمعلمات وشكاوى البديلات، والتردد في توظيف خريجي المعاهد الصحية، والنقمة على مكاتب الاستقدام وهروب الخادمات، والتبرم من ازدحام المرور، والتذمر من ارتفاع تكاليف المعيشة، وتلوث الأطعمة وحالات التسمم من أكل المطاعم.
وفي لجة تلك الأخبار المزعجة يبرز خبر جميل خجول حول قيام المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني بتوقيع شراكة إستراتيجية مع وزارة الدفاع والطيران تتضمن توظيف مائتي فتاة سعودية بمصنع (صناعة الملبوسات العسكرية بالخرج)، بدلا عن العمالة الوافدة من الرجال الذين يشتغلون بالمصنع. بعد أن نجحت المؤسسة في تخريج متخصصات في التجميل، والتصميم وتصنيع الأزياء، والدعم الفني والمحاسبة.
ولا أخفيكم سعادتي بهذا الخبر الذي أرجو أن يكون بادرة وطنية لإحلال بناتنا محل العمالة الوافدة في تفصيل وخياطة وقيافة البدلة العسكرية لأبنائنا. وقد أعادت لي هذه الخطوة تاريخ المرأة المسلمة ومشاركتها الفعالة في الحروب والغزوات التي خاضها الجنود المسلمون إبان العصور المشرقة بالجهاد النبيل. حيث قمن بتضميد الجرحى وتجهيز الأطعمة وجلب المياه وتصنيع الألجمة والأحزمة وحين يعز الشَعر تستدني ظفيرتها !
واقتحام هذا المجال بالذات يشعرنا بشراكة المرأة الحقيقية مع أخيها الرجل حينما تضع لمساتها على ملابسه التي يرتديها، فتشاطره روح المواطنة ومشاعر حماية الوطن والذود عنه، وهي رسالة له من أخته الفتاة شعارها (شركاء في حب الوطن والتعبير عنه).
ولعلها فرصة للإشادة بمؤسسة التدريب التقني والمهني ونائب المحافظ الدكتورة منيرة العلولا التي تسعى بوطنيتها المعتادة لتذليل الصعوبات أمام الفتاة السعودية واستقطابها للانخراط في المعاهد التقنية والمهنية وتدريبها بكفاءة، وبالتالي ضمان توظيفها بعد التخرج وإتمامها التدريب.
وما ضاعف سعادتي عزم المؤسسة فتح كليات جديدة تمنح درجة البكالوريوس في التدريب لإعداد كوادر تقنية لتدريب الفتيات في البرامج والمسارات التي ستتيحها المعاهد العليا فيما بعد، فضلا عن قيام المؤسسة بتصميم برامج متخصصة لتدريب وتأهيل ذوات الاحتياجات الخاصة من الصم حيث تتخرج عشر طالبات في كل فصل دراسي، وهو البرنامج الوحيد المقدم للصم في جميع مناطق المملكة.
واعتماد المؤسسة نظام (التغذية الراجعة) لتقييم خريجات المعاهد العليا بعد توظيفهن في المنشآت الخاصة؛ يعد أسلوبا إداريا حديثا وناجعا وموفقا يمكن من خلاله معرفة ما ينقصهن من مهارات وتغذيتها وصقلها بدورات تدريبية للاستمرار برفع كفاءة الموظفة وهي على رأس العمل. وبذلك تكسب المؤسسة جولة التدريب المستمر مما يجعل مخرجاتها مرغوبة ومطلوبة في كل ميدان.
تحية لكل عمل مخلص دؤوب بعيدا عن البهرجة، وقريبا من زرع الطمأنينة التي تشعرنا بأننا نسير حثيثا نحو النهضة والحضارة.
rogaia143@hotmail.comTwitter @rogaia_hwoiriny