ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Friday 09/03/2012/2012 Issue 14407

 14407 الجمعة 16 ربيع الثاني 1433 العدد

  
   

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

عزيزتـي الجزيرة

 

تعقيبًا على العُمري
(المشككون) يقولون هذا (رياء) وذاك (نفاق) وثالث (تغريب) وأخيراً (مصالح)

رجوع

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد:

فقد اطلعت على مقال الكاتب سلمان بن محمد العُمري في علاج (ظاهرة التشكيك في الآخرين وسوء الظن)، المنشور في العدد 14386 يوم الجمعة 25-3-1433هـ وهو موضوع مهم وقع فيه كثير من العامة وبعض طلبة العلم أحيانًا، بل تجد لدى بعض الناس نساءً كانوا أم رجالاً المسارعة في الحكم على الآخرين من خلال سلوكيات مختلفة، فظاهر أي سلوك ينبئ عن باطنهم، وهذا موضع الخلاف بين تأديب القرآن الكريم للمسلم وبين الخطأ في تطبيق بعض العادات والتقاليد الاجتماعية.

فالقرآن الكريم يحثّ دومًا على التثبت وحسن الظن بالآخرين، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمنوا اجْتَنِبُوا كثيرًا مِّنَ الظَّنِّ أن بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ}الحجرات: 12، فالظن هو احتمال الصدق والكذب، والقرآن الكريم يرشدنا إلى ترجيح كفة الصدق في جميع الأحوال والمخاطبات والأفعال، ولا يمنع الحذر، وذلك لنبتعد عن أي سوء ظن يمكن من خلاله شق صف المسلمين وحفر جدار الكراهية والبغض والشقاق.

وقد ترى فئة من الناس أسهل ما يسارعون فيه التشكيك في نوايا الآخرين، فإن عمل أمامهم صالحًا قالوا رياء، وإن تكلم بخوف أو حسن مراقبة الله تعالى قالوا: نفاق، وإن نادى ببعض أمور الإصلاح قالوا: تغريب، وإن ذبّ عن عرض اخوانه المسلمين: قالوا: مصالح، وهكذا دواليك.

فيا للأسف تنطلق عجلة الشك وسوء الظن بالآخرين دون توقف، فلكل قول أو عمل دائرته التي تفسد العمل، وتشق الصف..

لكن لماذا؟

لقد أجابنا المقال بعدد من الأجوبة الكريمة التي تدل على سعة الاطلاع بواقع المجتمع، كالاتهام بحسن النية والرمي بالجهل والاعتداد بالنفس، وغيرها، وهذه أمراض خطيرة تصنف ضمن مرض الكبر، وفي الحديث: (لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر) متفق عليه.

وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مثالاً حيًا لحسن الظن بالآخرين وتوجيههم وتقدير طاقاتهم، فاندفع الجيل القرآني الكريم يعمل أعمالاً جليلة في نصرة الإسلام وتطبيق مبادئه في النفوس والمجتمع، لا يخاف من قول فلان أو تفسير فلان، الذي يعيق أحيانًا الرغبة في العمل والاجتهاد في المجالات.

يا الله فكم حملت تلك الطبقة الفريدة من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين من نفوس زكية كريمة كانت تنظر ما عند الله ورسوله وتقدم قوله على ما يختلج في نفوسهم، وتراه أم أعينهم، ففي موقف الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم من المنافقين تلك الفئة الخبيثة التي نبتت في جسد الإسلام، وأظهر القرآن الكريم -جليًا- عداوتها وجزاءها، ومع ذلك كف النبي صلى الله عليه وسلم عن قتلهم، بل أحسن إليهم بالاستغفار لهم، حتى جاء النهي، قال تعالى: {استغْفِرْ لَهُمْ أو لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ ان تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللّهُ لَهُمْ} التوبة80، ثم بعد ذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم لو كنت أعلم أن لو استغفرت لهم فوق السبعين غفر لهم لفعلت.

والاستغفار لغة القلوب الزكية المخبتة لله عزَّ وجلَّ، ومع علم النبي صلى الله عليه وسلم بأسماء المنافقين ومع ذلك لم يُشّهر بهم مع سوء مقالتهم وشين أفعالهم وترك عقوبتهم لله عزَّ وجلَّ.

وما يقع في بعض الحالات هو تبادل للآراء وقد يكون اجتهادًا، سواء في المسائل العلمية أم الاجتماعية أم الاقتصادية، ومع ذلك يتبارى بعض الناس بالعداوة والاتهامات المعلبة بين الجانبين ولو ردّوا الأمر إلى الله والرسول الكريم ومقاصد الشريعة الغراء لوجدوا ما يملي عليهم من حسن التراضي بين الجانبين، واحتمال الأعذار، وتغليب الخير على الشر، مما يحدو بنا إلى المسارعة في الانطلاق في العمل والبناء لخير الإسلام والمسلمين.

وفي الختام: أكرر شكري العميق لصاحب المقال على تسليط الضوء على مثل هذه الظواهر التي تؤثر في بناء المجتمع، وتعيق الخطى إلى الله عزّ وجلّ والفوز برضوانه. والله اعلم.

د. هدى بنت دليجان الدليجان / استاذ مشارك في التفسير وعلوم القرآن - جامعة الملك فيصل

 

رجوع

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة