تفهمت الشرطة في (ماريلاند) الأمريكية ظروف الأبوين عندما نسيا طفلتهما (هارموني) مساء (البارحة الأولى) في مطعم، وعذرتهما؛ حيث اعتقد كل واحد من الوالدين أن ابنته مع الطرف الآخر؛ كونهما (منفصلين)، والتقيا في حفل بالمطعم برفقة الصغيرة، وتفرقا.. حتى شاهدا صورتها على (نشرة أخبار المساء)، والشرطة تطالبهما بالعودة لاستلامها. إنها (فهاوة النسيان)..!!
ولعل الجميل أن الكثير من (النساء العربيات) لم يعذرن المجتمع، وكن عاتبات على المجتمع العربي والسعودي بالتحديد لنسيانه (يوم المرأة العالمي)، الذي صادف يوم الخميس الماضي دون مظاهر اهتمام (مثل يوم الدفاع المدني الأسبوع الماضي أو يوم الكلى العالمي الذي يصادف اليوم ومن الأيام الخاصة بالصحة والتعليم وغيرهما)، ويرون أن المجتمع يتجاهل (يوم المرأة العالمي) المقر منذ (1977م) في الأمم المتحدة يوماً عالمياً تطالب وتذكِّر فيه المرأة بحقوقها على مستوى العالم.. يبدو أن هناك من نسي الموعد، إما (المرأة) لاكتمال حقوقها، أو المجتمع وهو معذور كوالدَيْ (هارموني) اللذين نسياها..!
والحق يُقال أن (المرأة السعودية) حققت منجزات عظيمة في السنوات الأخيرة، في طريق القضاء على كل أشكال التميز، وهناك خطوات عملية كبيرة اتُّخذت، تتوافق والمعايير الدولية، مع المحافظة على (كينونة المرأة السعودية المسلمة). ولعل العام المنصرم شهد نجاحات باهرة للمرأة وقرارات مهمة، تم خلالها إعطاؤها المزيد من الحقوق والثقة بوصفها عنصراً (فاعلاً وبنَّاء) في المجتمع السعودي.
وهنا العتب يقع - بلا شك - على مثقفاتنا ونسائنا اللاتي لم يعكسن هذه الصورة الناصعة والجلية، التي شهد فيها المجتمع تغيراً كبيراً في هذا (اليوم العالمي)، الذي ستبقى بعض الأصوات في الغرب والشرق - للأسف - تنعق خلاله بتعرض المرأة السعودية للكبت والحرمان والتمييز وغيرها، ولن يلجمها مثل (صوت الحق) الصادر من أفواه (النساء السعوديات أنفسهن) بما يمتلكنه اليوم من قدرة ومكانة تؤهلهن للرد على ذلك..!
اليوم العالمي للمرأة ليس بالضرورة أن يسلِّط الضوء على ما تواجهه المرأة من قهر وظلم وتمييز، بل إن الحديث عن المنجزات السياسية والاجتماعية والعلمية التي حققتها المرأة خلال العام المنصرم يُعتبر جزءاً مهماً للمشاركة به في هذا اليوم. وفي قراءة بسيطة نجد أن (المرأة السعودية) حققت خلال العام المنصرم مكتسبات كبيرة جداً على الصعيد التربوي والعلمي والسياسي والاجتماعي، تستحق الإشادة والإبراز..!
وهنا أخال الدور مناطاً بشكل كبير (بأقلام) نسائنا الكاتبات والمثقفات والمتميزات لإحقاق الحق والدفاع عن أنفسهن ومكتسباتهن، وإبرازها في مثل هذا اليوم وفي مختلف المحافل العالمية عبر حصر منجزات المرأة السعودية وما صدر بحقها من قرارات مهمة تؤكد (الاهتمام بالمرأة) ودورها، وأن الإسلام هو أكثر من أعطى وأنصف المرأة على مر التاريخ، وكذلك رصد المبدعات والمتميزات في عهد (خادم الحرمين الشريفين) وسيرتهنَّ وما حققنه من إنجاز في أكثر من (كتاب) وأكثر من (لغة)؛ ليقف العالم على حجم المكتسبات والحقوق التي نالتها المرأة في هذا العصر..!
أخيراً، كنت أتمنى أن تتبنى (جامعة الأميرة نورة)؛ كونها أكبر صرح علمي للبنات في العالم، إقامة مؤتمر دولي عن (المرأة المسلمة) بندواته ومعارضه المصاحبة، يتحدث وينصف خادم الحرمين الشريفين وما قام به في حق (المرأة السعودية المسلمة) في العصر الحديث، تُقدِّم خلاله النماذج الإسلامية والسعودية التي تميزت بالدعم والمساندة، وتم تكريمها وتقلدت مناصب عليا..!
إن الفرصة ما زالت سانحة للتفكير في عقد وتنظيم مثل هذا المؤتمر (بأيدي وأفكار السعوديات)؛ فهن جديرات بذلك..!
وعلى دروب الخير نلتقي.
fahd.jleid@mbc.net