لست ضد أن تستمع الجهات الرسمية في الدولة لبعض الفئات التي ترى أن من واجبها إنكار المنكر وأنها تأثم إذا سكتت على المنكرات، لكنني في نفس الوقت أدعو إلى الحزم مع من يتخذ الاحتساب ذريعة لإفساد المناسبات وإثارة الفوضى وترويع الناس وإشغال اللجان عن أداء مهامها لأن ترك الأمور يعني تحول عملية الاحتساب وهي شعيرة دينية إلى فوضى واعتداء على سلطات جهة رسمية مخولة من الدولة للقيام بمهام الحسبة وهي هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وجناية على الحسبة، وتصوير رجالاتها وكأنهم أعداء للحياة لفرض سياسات الأمر الواقع، وعودة إلى المربع الأول قبل سنوات مضت يوم كانت الوسائل الحاضرة في كل مناسبة الخيزران والعصى والتخريب والتكسير والتحطيم والاقتحامات، وهي وسائل وإن كان ولى زمانها إلا أن هناك بيننا من يحن لأيامها ويتمنى عودتها لتعود أيام كلية اليمامة وحديقة الدوح ونرجع مع تلك الأيام إلى المربع الذي تركناه عندما اتخذت الدولة قرارات مهمة لتنظيم هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ودعم عملها الميداني بضخ ميزانية ضخمة تمكنها من تقوية جهازها وتدريب أفرادها على طرق التعامل مع الناس، وللحق فإن الهيئة قد قطعت شوطا كبيرا يحسب لها في التواصل الدائم والمستمر مع مؤسسات المجتمع ووسائل الإعلام وعكس رجال الهيئة في أكثر من مناسبة صور تطمئن الناس إلى أن مخرجات هذا العمل المستمر ستكون أكثر جودة في المستقبل، فمعظم الناس ليسوا ضد عمل الهيئة بل إنهم يؤمنون بجدواه وفائدته متى ما كان منظما، لكنهم ضد الخروج عن النص في معالجة أوضاع تستدعي الحكمة والموعظة الحسنة، وسوى ذلك فإن الجميع يدعمون عمل الهيئة فهي الممثل الرسمي للدولة، وهي الجهة المخولة بعمل الحسبة، ويكفي أن نعرف أن جميع المناسبات التي تقام على أرض المملكة العربية السعودية يكون لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيها تمثيل وصوت مسموع.
تقديم العمل الاحتسابي بطريقة مقبولة لا يكون إلا بعمل جماعي منظم، أما الأعمال الفردية القائمة على الفزعات والذهاب لأرض الحدث من قبل أفراد غير رسميين فهو إثارة للفوضى، وتقديم العمل الاحتسابي بصورة مشوهة، وتكوين اتجاهات سلبية ضد الجهاز الرسمي وتجنٍ على الاحتساب، فالمواطن العادي ينكر بالقلب والعلماء باللسان أما استخدام اليد فلا يكون إلا بأمر من ولي الأمر وهذا ما لا يفهمه من يعدون أنفسهم محتسبين وهم بعملهم الاجتهادي غير الموفق يحدثون ازدواجا غير مطلوب، كما حدث قبل أيام في مهرجان الجنادرية، فرغم وجود هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الموقع منذ اليوم الأول إلا أن نفرا محتسبا أصروا على الذهاب والتحدث مع المسئولين عن المهرجان مهمشين دور الهيئة وبما يعبر عن أنهم غير مكتفين بما تقوم به من جهود منظورة ومشكورة.
ما حدث في الجنادرية قد يتكرر في معرض الكتاب الذي أعلن انطلاقته معالي وزير الإعلام يوم الثلاثاء الماضي إذا لم يقابل بحزم وإجراءات مشددة، وإذا كان هناك ثمة محتسبين يريدون إيصال رأيهم فعليهم التوجه لهيئة الأمر بالمعروف, وعلى المسئولين عن الهيئة احتواؤهم حتى لا تتكرر الأحداث التي تشوه الصورة، وتتسبب في حدوث المصادمات داخل المعرض.
shlash2010@hotmail.comتويتر abdulrahman_15