من توفيق الله لهذه البلاد أن القرآن محل عنايتها وتقديرها، وأن تعتمده دستوراً لها. ولقد تعددت أوجه العناية بالقرآن وأهله من قِبل ولاة الأمر خلفاً عن سلف، وليس غريباً على دولة قامت على نصرة العقيدة وتحكيم الشريعة ونصرة الحق والقيام بالعدل أن تكون مثالاً يُحتذى في تقدير العِلْم وأهله.
وجائزة الأمير سلمان بن عبدالعزيز المحلية لتحفيظ القرآن أحد أوجه الاهتمام بالقرآن الكريم والعناية به.
لقد وُفِّق الأمير سلمان بإقامة هذه الجائزة والسهر عليها ورعايتها، وها هي تنعقد في دورتها الرابعة عشرة في جو من الفرح والغبطة والتقدير.
وكيف لا تفرح الأُمَّة بها وبأمثالها وهي احتفاء بكتاب الله المجيد، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد، وهو الحبل المتين والعروة والوثقى والصراط المستقيم، ثم إن القرآن «عصمة أمة محمد، وبه نجاتهم وقيام دينهم ودنياهم» كما يقول ابن تيمية. انظر مقدمة ابن تيمية في أصول التفسير ص3 - طبعة لاهور.
ثم إن هذه الجائزة المباركة من أولى ثمارها تشجيع النشء وتحفيزهم على حفظ القرآن، ومن خلال واقع الحال فقد تبيَّن لها أثر ملموس في هذا الجانب؛ فلقد ارتفعت همم المتعلمين، وارتفعت همم المعلمين، وارتفعت همم المشرفين على الجمعيات ومديري مدارس ومعاهد تحفيظ القرآن؛ لجزالتها وسخائها وشرف مقاصدها ومعنوياتها.
هذا من وجه، ومن وجه آخر فإن لهذه الجائزة وأمثالها مردوداً أخلاقياً لا يُنكر، ومردوداً عقدياً، ومردوداً لغوياً واضحاً وجلياً؛ إذ تبيّن أن تلاوة القرآن تورث فصاحة وبلاغة للناشئين بطريقة تلقائية لا تخفى، ولها أثرها في شحذ الذاكرة وصقلها ومحاربة النسيان والغفلة، علاوة على أن تلاوة القرآن عبادة يؤجر عليها، وخيرية ينالها فاعلها «خيركم من تعلَّم القرآن وعلمه»، ويقال للقارئ «اقرأ وارقَ ورتِّل كما كنت ترتل في الدنيا؛ فإن منزلتك العالية من الجنة عند آخر آية تقرؤها»، إلى غير ذلك من الحسنات الموعود بها قارئ القرآن، كما أخبر بذلك نبي الهدى خاتم النبيين وسيد المرسلين الصادق المصدوق صلوات الله وسلامه عليه.
وختاماً نقول لصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز: طبت، وطاب مسعاك، وأجزل الله لك الأجر والمثوبة على مبادراتك في فعل الخير بعامة، وعلى هذه الجائزة الرائدة السخية الهادفة الراشدة بخاصة؛ فجزاك الله خيراً، ونسأل الله أن يجعلها في ميزان حسناتك.
وفي السياق نفسه نقول: إن من قول الحق والشهادة به الإشادة بهذه الجائزة، ومن قول الحق والشهادة به الثناء على جهود معالي وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد فضيلة الشيخ الجليل صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ بخاصة، ومنسوبي وزارة الشؤون الإسلامية المعنيين بتحفيظ القرآن بعامة، على الرعاية والمتابعة اليقظة الهادفة الملموسة إزاء جمعيات تحفيظ القرآن الكريم على مستوى المملكة. والشكر موصول لأصحاب الفضيلة رؤساء الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم، وموصول أيضاً لكل من أسهم في خدمة القرآن وأهله بماله أو بجهده أو برأيه من أفراد أو مسؤولين أو وزارات أو شركات أو مؤسسات أو بنوك أو غيرها، وفوق ذلك كله ولاة الأمر - أيدهم الله - الذين عنوا عناية خاصة بالقرآن الكريم وأهله خلفاً عن سلف؛ فلهم من أمتهم فائق الشكر وعاطر الثناء وجزيل الدعاء.