أوضح الدكتور حماد بن علي الحمادي أستاذ الخدمة الاجتماعية المساعد مدير عام المجمعات السكنية بجمعية الأمير سلمان للإسكان الخيري سابقاً، عضو الجمعية السعودية لعلم الاجتماع والخدمة الاجتماعية أن المتأمل في التغيرات الاجتماعية والاقتصادية التي طرأت على المجتمع السعودي في العقدين الأخيرين يلحظ أنها بدأت تشكل ضغوطاً كبيرة على المجتمع ومن خلفهم صانعو القرار في هذا البلد الكريم في قضايا كثيرة وعلى رأسها قضية الإسكان مشيرا إلى أن الذي دفع بهذه القضية للظهور على سطح القضايا الملحة هو بعض التغيرات الاجتماعية والاقتصادية التي يلزم الوقوف عليها وتشخيصها حتى نستطيع أن نستلهم الحلول المناسبة لها، حيث أصبح هناك تغيّر في البنية الاجتماعية للأسرة السعودية صاحب ذلك ارتفاع تكاليف المعيشة بالإضافة إلى ارتفاع قيمة الإيجار وتكلفة بناء المساكن، فالأسرة السعودية بدأت بالتخلي عن الأسرة الممتدة التي تشتمل على الزوج والزوجة وأبنائهم الذكور المتزوجين الذين يعيشون في مسكن واحد، إلى الأسرة النواة، حيث الزوج والزوجة وأبناؤهم، ومن تزوج من الأبناء يستقل في المعيشة مع زوجته في منزل مستقل وغالباً يقطنون في شقة مع الأخذ في عين الاعتبار الارتفاعات سابقة الذكر، كل ذلك أدى إلى زيادة الطلب على الإسكان وزيادة تكاليف المعيشة، وأضاف الدكتور حماد قائلاً وبناء على ذلك فيمكن أن نقول: إن الفرد في المجتمع السعودي قد يحتاج خلال حياته الانتقال من المسكن من الزواج حتى سن الشيخوخة من مرتين إلى ثلاث مرات. وبناء على ذلك وعندما نتصور بناء الأسرة وتكوينها أو مرحلة حياة الأسرة ندرك أنها تتحول من زوج وزوجة إلى زوج وزوجة وأطفالهما الصغار، ومن ثم زوج وزوجة وأبنائهم المراهقين، يلي ذلك زوج وزوجة وأبناؤهم المتزوجون الذين غالباً يستقلون في المعيشة، فالمرحلة الأولى والثانية تحتاج إلى شقة والمرحلة الثالثة والرابعة تحتاج إلى بناء مسكن يستوعب الأسرة، وعند استقلال الأبناء في مرحلة لاحقة ربما يحتاجون إلى تقليص ذلك المسكن إلا إذا بقي أحد الأبناء مع الأحفاد وليس جميع الأبناء مع زوجاتهم وأبنائهم، وتابع أستاذ علم الاجتماع قائلاً: وإذا عرفنا أن تكلفة شراء الأرض وبناء مسكن أو تكلفة شراء شقة يكلف المتر الواحد من 1000 إلى 1200 ريال، كما تشير إلى ذلك الدراسة التحليلية للهيكل الراهن للسوق العقاري بمدينة الرياض الصادر من الغرفة التجارية، فإن ذلك يني أن بناء المسكن سيستغرق من متوسط الأسرة السعودية من 20 إلى 30 سنة. وقد أقر صندوق التنمية العقاري الموافقة على التقديم على طلب قرض دون اشتراط امتلاك الأرض وهذا بلا شك سيساعد الشباب على التقديم لطلب القرض بشكل أسرع وسيساعد على إيقاف المضاربات على بعض الأراضي التي كانت مستهدفة لهذا الغرض، كما تم رفع القرض إلى 500 ألف ريال، وذلك سيساعد الشباب على البناء بشكل أسرع خاصة إذا صاحب ذلك الدعم في الإنفاق الحكومي لصندوق التنمية العقاري، وقد جانب الصواب من يعتقد بأن زيادة القرض ستزيد في الأسعار، الزيادة ليست هي السبب، بل السبب في غياب الرقابة من بعض الوزارات والمؤسسات المسؤولة عن الضبط والمتابعة وكذلك غياب العقوبات الرادعة عن مثل ذلك الاستغلال من قبل بعض كبار المستثمرين كالعقوبات التي بدأنا نشاهدها في سوق الأسهم مع عدم سلامتهما جميعاً من الهفوات التي تحتاج إلى مزيد من المتابعة والحزم من قبل الحكومة، ومضى الدكتور الحمادي قائلا: إن المراحل التي يفضل أن تتدرج فيها الأسرة السعودية هي الزواج والبقاء مع الأسرة لمدة سنة إلى سنتين حتى المولود الأول أو الثاني، ومن ثم الانتقال إلى شقة تمليك تخصم من الراتب وليست بالإيجار، وتكون بدعم من صندوق التنمية العقاري لأن ذلك سيساعد على أن تبدأ الحياة الزوجية من خلال تملك شقة وليس من خلال السكن بالإيجار مما يقلل فرص التملك على المدى القصير وبعد التملك لهذه الشقق سيصبح الزوجان وخلال عشر سنوات إلى خمس عشرة سنة بإذن الله قادرين على الانتقال إلى المسكن المناسب لسكن الأسرة الذي يمكن أن يطلق عليه (مسكن العمر) وسيمتلكون في ذلك الوقت مبلغا يعين على التملك بالإضافة إلى قيمة الشقة، وأردف الدكتور حماد ولعمل ذلك هناك عدة جهات يلزم التعاون بينها لتحقيق رؤية خادم الحرمين الشريفين سدد الله خطاه فالتعاون والتنسيق بين وزارة الإسكان وصندوق التنمية العقاري ووزارة التخطيط ووزارة الشؤون البلدية والقروية ممثلة بأمانات المدن والبلديات ووزارة الشؤون الاجتماعية ممثلة بالضمان الاجتماعية والجمعيات الخيرية العاملة بقطاع الإسكان التنموي والخيري، ووزارة العدل مطلب أساسي لنجاح عملية توفير السكن لكافة فئات المجتمع. واختتم مديرعام المجمعات السكنية سابقاً قائلاً ولعلي لا أذيع سرا إذا قلت: إن عملية التنسيق بين الكثير من القطاعات المسؤولة عن الاسكان غائب بشكل كبير مما يعيق عملية توفر المسكن المناسب للمواطن السعودي واسألوا المهتمين ووزير الإسكان وصندوق التنمية العقاري لعلهم يجيبون عن هموم المواطنين الصابرين والمنتظرين لتنفيذ مبادرات خادم الحرمين الشريفين، الكل يشتكي من مشكلة الإسكان فأين ذهبت الـ250 مليار ريال...؟ ولعل الجميع يترقب إطلاق ضواح جديدة بالقرب من المدن تكون تكاليف أراضيها أقل وتساعد على تخفيض سعر العقار بالمدن الكبيرة والمتوسطة.