|
الجزيرة - د. حسن أمين الشقطي
أصبح الاضطراب هو السمة الرئيسة للأسواق العالمية للمال أو العملات أو النفط أو الذهب.. لا يمر يوم إلا وهناك تغير جديد أو طارئ.. وتعتبر هذه الأسواق الأربعة هي الأهم في الوقت الحالي، وتعتبر السوق الثالثة من المؤثرات الرئيسة على السوقين الأول والثاني. هذا من جانب.. ومن جانب آخر، فإن الاقتصاد العالمي لا يزال مهدداً بأزمة ركود في ظل أزمات المديونية والعجز التي تمر بها منطقة اليورو. وحتى رغم انزواء أزمة الدين الأمريكي قليلاً بعد رفع السقف في أغسطس الماضي، فإن الدين الأمريكي أيضاً قد يساهم بشكل فعال للاتجاه نحو الانكماش.. ومن جانب ثالث، فإن هناك وضعا سياسيا ملتهبا في منطقة الشرق الأوسط، فالثورات العربية لا تزال على قدم وساق.. ورغم هدؤ الأوضاع في مصر وتونس، إلا أن هناك قدراً من عدم الاستقرار الداخلي فيهما حاليا.. كما أن الأوضاع الأمنية لم تستقر حتى هذه اللحظة في كل من سوريا واليمن.. ومن جانب رابع، فإن هناك تصعيداً في علاقات إسرائيل مع تركيا ومن قبلها مع مصر.. أي أنه بات يمتزج الاضطراب السياسي مع الاقتصادي خلال هذه الفترة في كل منطقة الشرق الأوسط.. في خضم كل ذلك، فإن مؤشر سوق الأسهم المحلي يقف عاجزاً عن تحقيق أي صعود قوي أو مستمر حتى بعد تجاوز فترة الركود التقليدية في رمضان.. فلماذا طالت فترة ركوده؟ وإلى متى؟ وأين سيولة السوق؟
اضطرابات سوق النفط
من أهم الأسواق المؤثرة على سوق الأسهم السعودي الاضطرابات التي تصيب سوق النفط.. ورغم أن أسعار النفط لا تزال فوق المستويات المرضية للمملكة، إلا أن طبيعة الاضطرابات التي تنتاب منطقة الشرق الأوسط تتسبب في نوع من القلق للاقتصاديات النفطية.. فما لبث أن عاد النفط الليبي للضخ بعد فترة انقطاعه، حتى ظهرت بوادر لانقطاع الإمدادات من سوريا.. ويبدو أن سوق النفط أصبح معتادًا على التغيرات.. وبوجه عام اضطراب الأوضاع السياسية بمنطقة الشرق الأوسط يضع استقرار سوق النفط في مهب الريح، ليس بسبب هذه الانقطاعات –فالانقطاعات تسهل مزيداً من ارتفاع أسعار النفط- ولكن بسبب التداعيات المترتبة على هذه الانقطاعات بشكل غير مباشر.
الاقتصاد العالمي..
ما بين الإنقاذ والتحفيز
لقد تبنت الدول الأوربية التي تواجه مشكلات مديونية إجراءات تقشفية مشددة منذ أكثر من عام للتغلب على العجز المالي الكبير الذي تعاني منه.. وتركز هذا التقشف في تقليص الأجور أو كبح الوظائف الجديدة.. إلا أن هذا التقشف في ظل تعدد مصادره وفي ظل أزمة الانكماش في الاقتصاد الأمريكي أصبح يهدد بتجفيف مصادر الدماء في الاقتصاد العالمي ككل، بشكل بات يهدد بالوصول إلى كساد عظيم.. لذلك، فقد عادت الدعوة من جديد لإجراءات جديدة للتحفيز.. ولنا أن نتذكر أن آخر إجراءات تحفيز كان قد تم الاعتماد عليها بعد أزمة الرهن العقاري الأمريكية في 2008م.. إلا أنه ينبغي ملاحظة أن فرض إجراءات تحفيز في الفترة الحالية قد يكون أصعب من مثيله في 2008م، وذلك لضعف الموارد والإمكانيات المالية لدول العجز أو المديونية، وعلى رأسها الولايات المتحدة والدول الأوربية.
القلق يجمد السيولة بالسوق
افتتح مؤشر السوق يوم السبت الماضي بصعود جيد حيث ربح 128 نقطة في يوم التداول الأول، إلا أنه سرعان ما عاد من جديد للنطاق الضيق في ظل ضعف السيولة المتداولة.. والتي تفسر بحالة القلق والترقب التي تناب المستثمرين في ظل اضطراب والتراجع المتكرر الذي يضرب البورصات العالمية في ضوء الضبابية وانعدام الرؤية لأوضاع الاقتصاد العالمي.. هذا ورغم صعود المؤشر هذا الأسبوع بنحو 145 نقطة، إلا أن قدرة المؤشر على مزيد من الصعود لا تزال محور شك نتيجة سيطرة حالة قلق وترقب المستثمرين لما ستؤول إليه الأوضاع بالبورصات العالمية بناء على مستجدات تعامل منطقة اليورو والاقتصاد الأمريكي مع أزمتهما.. بالتحديد رغم أن المؤشر السعودي يقع في قلب منطقة الثورات العربية، إلا أن استجابته للمستجدات الاقتصادية لمنطقة اليورو وللاقتصاد الأمريكي أعلى كثيرًا (وقد تكون هي الحاسمة) عنها للمستجدات السياسية بالمنطقة العربية.
الكاش .. البديل المفضل
لدى المستثمرين
البعض يتساءل أين ذهبت سيولة السوق السعودي؟ هل يعقل في عام 2011 أن تتوقف السيولة المتداولة في أسبوع كامل ولخمسة أيام تداول عند مستوى لا يزيد عن 15.6 مليار ريال؟ بعد أن كان السوق يسجل مثل هذا المستوى في يوم تداول واحد.. أين ذهبت المحافظ الكبيرة؟.. في اعتقادي أن السيولة موجودة ولكنها خائفة من المجهول وتترقب استقرار الأوضاع ا لاقتصادية العالمية.. فالوضع بالفعل غير مستقر على المستوى العالمي، وأصبح بالفعل يمتلك القدرة في التأثير على سوق الأسهم المحلي بكل قوة.. لذلك فهناك شبه إجماع على أن «الكاش سيد الموقف».