Tuesday  06/09/2011/2011 Issue 14222

الثلاثاء 08 شوال 1432  العدد  14222

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

محليــات

      

أملنا جميعا أن نكون «خير أمة أخرجت للناس». فما الذي يمنع ذلك؟ غبش الرؤية وتخبط الفعل. كون البشر خطاءون قبله وبعده.

وأخطر خطأ إستراتيجي ما زلنا نرتكبه أسرياً ومجتمعياً ومؤسساتيا ونتعايش مع نتائجه السلبية من زمان, أننا لا نعالج المشاكل باستئصال أسبابها وجذورها بل نركز على تشذيبها لتصبح أقل إزعاجاً أو إيلاما. علاجاتنا موجهة لتسكين الأعراض وليس تشخيص واجتثاث مسببات العلة. ولذلك تظل العلة على جدول مثيرات التأخر والعرقلة. ما زلنا نتفاعل بأسلوب ردود الفعل لحل الأزمات بعد وقوعها, وليس بمنطلق المبادرة والتخطيط؛ أي توقعها مسبقاً وإيقافها أو تحجيم نتائجها قبل حدوثها.

ولو قلنا إن الأخطاء التي وقعنا فيها أمست الآن خارج إمكانية التخطيط والتحكم المسبق لمنع وقوعها, فإننا ما زلنا لا نخطط مسبقاً لمنع استفحالها أو لإزالتها من معوقات المستقبل المتوقعة.

هذا ما جعل مشاركة المرأة تظل موضوعا مطروحا للمناقشات الهامشية أو السفسطائية أو المحملة بالتحيزات بناء على حالات فردية، في حين يجب أن تكون في إطار هذا العصر ومتطلباته فرضية متقبلة بدهيا. والأجدى والأعقل أن نتجاوز الجدال حولها إلى موقع الفعل, لنركز على إزالة ما يعرقلها.

ولنستعيد عقلانية وحكمة ووضوح وجهة الموقف الأساسي للمؤسس الذي قرر ضرورة تعليم المرأة: ما الفائدة من تعليم المرأة وتدريبها لتساهم في البناء الاقتصادي أو الاستقرار الأسري والمجتمعي, إذا كانت ستظل تعتبر رسميا أو مجتمعيا أو أسريا قضية مفتوحة للجدل؟ وبالتالي التردد من قبل الأفراد المتخوفين أو ضغوط المستفيدين من بقاء الأوضاع كما هي؟ لتظل المرأة قاصرة عن أبسط واجباتها وحقوقها: حقها في ثقة الآخرين بقدرتها على تحمل المسؤولية وصون نفسها وحماية مصالحها وإدارة أعمالها بنفسها أو حتى التبليغ عما يهدد استقرار الأسرة وسلامة أعضائها؟

كدارسة متابعة للقرارات التنموية أرى ضروريا للخروج من هذه الحلقة المفرغة التي ندور فيها اليوم أن نغير إستراتيجية التغيير المعتادة حول ما يتعلق بتمكين المرأة, إلى إيجابية الفعل بتغيير أرض الواقع.. أي بقرار حاسم يركز على الهدف في المستقبل وليس الحاضر أو الماضي. مطالبات المرأة بتحسين أوضاعها وحل معاناتها ليست أمراً هامشياً بل أوضاع ممارسات حياتية عامة أسرية ومجتمعية ومؤسساتية حقيقية ومزعجة تعاني منها كل النساء؛ وهن نصف المجتمع. وهذا يفرض أن نخرج من منطلق الإقناع قبل البدء إلى مبادرة اتخاذ القرار - حيث من يهمه الحق والعدل في معاملة المرأة ومنحها حقوقها لا يحتاج إلى إقناع؛ ومن لا يهمه غير مصالحه - لا همها, ولا شئون الوطن- فلن يغير رأيه إلا إذا وجد في التغيير فائدة شخصية له. وهكذا لم ينتج هذا المنطلق إلا المزيد من التلكؤ من القائمين على المرأة أسريا والمستفيدين من تقييدها في دور يقتصر على تلبية طلباتهم.

المطلوب قرار حاسم يفتح دون تأجيل باب التوظيف والتدريب للراغبين من الجنسين في شتى المجالات المهنية, وأن نضع في جدول زمني مدروس التغييرات الداعمة. وتكون إستراتيجيتنا هي التحفيز والتطورالفكري العام كمحرك للتنمية, فنعمل بهدوء لتركيز رؤية المجتمع وجهة المستقبل. وأن يتزامن التغير المطلوب في كل المؤسسات المعنية؛ أي مع إعادة توازن محتوى مناهج التعليم بكل مستوياته, ومع إعادة تشكيل وهيكلة المؤسسات الرسمية المعنية, واستنفار المؤسسات غير الرسمية للمشاركة و الدعم, وسن أنظمة وإجراءات رسمية للتفعيل رادعة للتجاوزات, قابلة للتطبيق والمتابعة والتحسين, بالإضافة إلى سن العقوبات للممارسات التي تقف عائقا دون ذلك.

ولاشك أن استقطاب قادة الرأي من كل التيارات الفكرية لدعم التوعية والمشاركة فيها سيسرع إحداث وترسيخ التغير الثقافي العام.

لنكون اليوم كما نود أن نكون «خير أمة أخرجت للناس»، ضروري أن نتحرر من الارتهان لما اعتدنا عليه من التفضيلات الفئوية غير المناسبة لمتطلبات الحاضر. وأن نركز على ما يفيد المجموع وبمعايير يمكن قياسها على أرض الواقع ومؤشرات واضحة في مستوى معيشة المواطنين. والأولية التي لا يجب أن نختلف عليها هي أن تكون وجهتنا إلى الأمام، وتركيزنا على المستقبل المرغوب فيه؛ فشبابنا المتعلم من الجنسين هو مفتاح الأمل.

هكذا بوعي كامل نخرج من فروسيات الجدال المنبري الفارغ حول أهلية الشباب للثقة، وخطر عمل المرأة أو حضورها في المجتمع, إلى تنافسية مشاريع التدريب والتأهيل والتوظيف ومكافأة الأكفأ، ووضع الإجراءات المساعدة لفعالية اليد العاملة والموظفة والمستثمرة وصاحبة العمل وحمايتها من العقبات أو الاستغلال سواء كانت رجالية أو نسائية.

ولنتجاوز بالفعل الجدل والخطأ فنكون خير أمة.. كما يحق لنا أن نكون.

 

حوار حضاري
بقرار حاسم..!!
د.ثريا العريض

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة