يشكل العمل بمختلف جوانبه وتفاوت أهميته جانبا مهما في الحياة الإنسانية إذ إن له الدور الأكبر في ضمان استمرار مقومات الحياة الإنسانية والطبيعية ونحوهما على وجه الأرض. ولكون العمل التزامات وحقوق متبادلة بين العاملين وأصحاب الأعمال سواء كانوا جهات إدارية أو مؤسسات أهلية أو أفراد
عاديين وما يترتب على ذلك من اختلافات حول مدى الالتزام بأداء الواجبات والوفاء بالحقوق فإن لمراعاة العلاقات الإنسانية في هذا الجانب الحساس أهمية كبيرة للوصول بحركة العمل إلى تحقيق الأهداف المنشودة وذلك أن مبدأ العلاقات الإنسانية في المجال الإداري يعطي حيزاً للجانب الإنساني والاجتماعي لدى الموظفين أو العاملين فهذا المبدأ في حال تطبيقه في الإدارة أو المؤسسة أو المصنع أو المعمل يؤدي لبث روح الاطمئنان والثقة لدى العاملين وكأنه بلسان الحال يقول إن الموظف أو العامل قبل أن يكون عاملاً أو موظفاً أو مستخدماً فهو إنسان وبشر حاله كمثل المدير والرئيس ويتأثر ويؤثر إيجابا أو سلبا بنوعية التعامل التي يتعرض لها في محيط العمل.
والعلاقات الإنسانية وإن كانت (كما أشرنا) تعني بصفة عامة مراعاة الجوانب الإنسانية والاجتماعية في مجال العمل فإن أهدافها متعددة قد يكون من أبرزها ما يلي:
- احترام شخصية الموظف أو العامل كإنسان من قبل رؤسائه وزملائه قبل أن يكون مرؤوسا أو شريكا.
- توفير الرعاية الصحية والنفسية والاجتماعية للموظف أو العامل أو مساعدته في الحصول عليها.
- تهيئة الجو المناسب في مقر العمل بما يتمشى مع المتطلبات الإنسانية.
- الوفاء بحقوق الموظف المعنوية والمادية ومن أهمها الراتب والترقيات والمكافآت والبدلات والتدريب ونحو ذلك بشرط أن يكون قد أدى جميع التزاماته العملية بدون تقصير.
) إتاحة الفرصة له في الحصول على وقت للراحة والإجازات الأسبوعية والسنوية حسب ما ورد في الأنظمة.
- تقدير ما يقوم به من إنجاز مثالي للمعاملات المحالة إليه أو الأعمال المكلف بها وتنبيهه بلباقة إلى أوجه الخطأ إن وجدت إذ ليس من المنطق أن تساوي الإدارة بين الموظف الكفء والموظف المهمل أو المقصر في عمله.
وقد ورد مبدأ العلاقات الإنسانية في الشريعة الإسلامية قبل أن يرد في المبادئ الإدارية الحديثة فقد ورد في الذكر الكريم {لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا } (286) سورة البقرة.
وفي السنة الشريفة (روحوا عن القلوب ساعة بعد ساعة فإن القلوب إذا تعبت كلت).
وهو دليل على عدم جواز تكليف الموظف أو العامل بأعمال ومهام فوق طاقته الذهنية أو الجسمية كما ورد في السنة الشريفة (أعطوا الأجير حقه قبل أن يجف عرقه). رواه ابن ماجه عن ابن عمر رضي الله عنهما. وهذا الحديث دليلٌ على قمة الوفاء براتب أو أجر الموظف أو العامل ومزاياه المادية الأخرى من بدلات ومكافآت ونحوهما في حالة قيامه بأداء واجباته العملية.
أما في العصر الحاضر فقد تم تبني هذا المبدأ للأسباب التالية:
- إنشاء المنظمات العمالية كمنظمة العمل الدولية واستحداث المحاكم العمالية التي تبت في شكاوى العمال.
- فشل بعض الرؤساء الإداريين في توفير المناخ المناسب للعلاقات الإنسانية.
- ارتفاع مستوى الثقافة بين الموظفين والعمال وبالتالي إحاطتهم بما يشوب جو العمل من مشاكل وسوء إدارة.
- ظهور المشكلات الإنسانية في مجال الأعمال بسبب كبر حجم المشاريع وبالتالي تلافي مستوى الإشراف من الإداريين.
- ارتفاع مستوى المعيشة في المجتمعات الحديثة أدى لمطالبة الإدارة بالتركيز على العوامل الإنسانية وذلك من أجل شد أزر الموظفين.
وفي بلادنا اهتمت الأنظمة الإدارية في الأجهزة والمصالح والمؤسسات الحكومية وأنظمة العاملين في القطاع الأهلي بهذا الجانب انطلاقاً مما أوردته شريعتنا الغراء وتمشياً مع الأحدث من المبادئ الإدارية ومن أوجه هذا الاهتمام ما يلي:
- احترام وتقدير رأي الموظف، فقد شجعت هذه الأنظمة في بلادنا الموظف على إبداء رأيه في المعاملات المحالة إليه وإن كان يخالف رأي رئيسه.
asunaidi@mcs.gov.sa