ما يحدث من سفك الدم، وقتل الأنفس، والاعتداء على الحرمات، وحرق البيوت، ونهب الممتلكات - العامة والخاصة -، جعلت المسؤولية واضحة في خطبة مفتي عام المملكة - سماحة الشيخ - عبد العزيز آل الشيخ - قبل أيام -،
حول ما يجري على الساحة في بعض الدول العربية، من أحداث جسام، تستحق كلمة حاسمة، وجريئة، فأبدى استياءه؛ مما تقترفه الجماعات المسلحة في بعض البلدان العربية، من سفك للدماء، واعتداء على الأعراض، - ولاسيما - في رمضان، معتبرا أن: « ما يحدث في بعض بلاد المسلمين من فوضى، وسفك دماء، وتدمير، واستباحة أعراض، وخسران مبين، كان بفعل المجرمين، وشياطين الإنس الذين تسلطوا، وأجرموا، وخربوا الديار «.
إن المسؤولية الكاملة عن التصعيد العسكري، وأعمال القتل، وسفك الدماء التي تجري في بعض الدول العربية، نتج عنه المزيد من القتل، بعد أن تحولت إلى عصابات للإجرام على حساب أرواح الأبرياء، وأمنهم، واستقرارهم، ومصادرة حرياتهم في الاختيار، والتفكير، فزاد من وهج الفتنة، ووقود الدمار، ومعول الهدم. بل لا أبالغ إن قلت: إن ما يجري على الساحة من أحداث - خلال الستة أشهر الماضية -، يُمكن وصفها بالأعمال البربرية التي لا تمت إلى الحضارة الإنسانية - بصلة -.
نحن - مع الأسف - أمام واقع مرّ، فما نراه من تساهل في قضايا الدماء، وعدم المبالاة بالمحافظة على أمن الناس، وأرواحهم، وممتلكاتهم، يُمكن إضافته إلى سلسلة جرائم سابقة، تُرتكب ضد الإنسانية، فضاع المواطن بين مخالب عصابات تُبيح القتل، وبين أنياب حكومات تسفك الدماء، بحجة التآمر على الوطن. وفقدت الحد الأدنى من القيم، والخلق الإنساني التي تردعه عن ارتكاب المجازر، أو حتى التفاهم مع الإنسان حول قضاياه المصيرية.
ترتعد فصائلي، وينخلع قلبي، عندما أنظر إلى مشاهد مؤلمة، لا تألو في مواطن، ولا وطن، إلاًّ، ولا ذمةً، وأتذكر قول الحق - تبارك وتعالى -: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا}. فغاية ما يهم الإنسان، هو احترام روحه، ومشاعره، وجسده، فهذا هو عنوان صلاح النظام، ودليل سعادته، واستقراره، إن حافظ على تلك المبادئ. فالآية القرآنية تقول: {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرائيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا}؛ مما يدل على أن: حفظ النفس من مقاصد هذا الدين القويم، ومن القضايا الرئيسة التي رعاها أيما رعاية، واعتنى بها غاية العناية.
إن هناك نقطة يجب أن يُهتم بها بكل وضوح، وهي: التَّأكيد على حرمة الدّماء، والأعراض، والأموال، ووجوب الدّفاع عنها بكلّ الوسائل المتاحة. ولعل رسالة - سماحة الشيخ - عبد العزيز آل الشيخ تُحمل على جناح الأمل، من الدعوة إلى الحياة وليس القتل، وإلى السلام وليس الإرهاب. فما نراه اليوم من قتل، وسفك للدماء، لا يُقره دين، ولا تُقره البشرية، ولا حتى الذوق الإنساني.
drsasq@gmail.com