أرّقت معضلة التوطين صغيرنا قبل كبيرنا في مجتمعنا، والحلول والمقترحات تنهال كل صبيحة يوم جديد إما على صفحات الصحف أو مكاتب الوزراء أو المؤسسات العامة والخاصة، وحق لهم ذلك، فهي تحتاج تحركا جماعيا لإنهائها ونفيها، الشاب السعودي نراه في بعض المراكز التجارية

والقطاعات قد بدأ بالولوج لها، ولكن هل يكفي أن نراه هناك فقط؟ لا أعتقد، بل لا بد من التفكير في كيفية استمراره وتواصله في العمل الخاص. ولحصول ذلك يحتاج منا نحن المتسوقين والزائرين لتلك المراكز دعمه ومساندته وإشعاره بالقبول وأنه أحد عناصر التنمية الطموحة.

كيف يحدث ذلك؟

1- ابتسم في وجهه حين تراه، في محل للبيع والشراء.

2- أقبل عليه عند وصولك، وخصه في الاستفسار عما تريد.

3- بادله الحديث ولو ثوان، أشعره في الختام بأنك مسرور من رؤيته.

4- ادع له عند توديعه بصوت خافت.

5- احذر تقديم النصائح له، بل اكتف بما سبق.

لم ذلك كله؟

1- هو بأمس الحاجة، لئن يشعر بأنه (مقبول).

2- يحتاج لجرعة من الدعم والتشجيع، الذي له تأثيره على كل إنسان، فما بالك بشاب يجد المضايقة من الوافدين.

3- حتى نتمكن من محو فكرة أننا لا نرغب فيه.

4- سيسعى لتقديم أكبر قدر ممكن من العطاء والتواجد حتى يكسب مزيدا من الثقة في الغد.

5- يقلل من هروب وإعراض الشاب عن التواجد في القطاع الخاص على المدى البعيد، لشعوره بالدعم والقبول من أخيه المواطن.

6- المواطن هو أكبر داعم للمواطن، فهل نشح بهذا الدعم.

إن تقطيب الجبين، وغلق الشفاه، وغياب البسمة عند رؤية شاب يعمل في القطاع الخاص، يعنى إشعاره بكل وضوح أنه ليس محلا للترحيب والقبول، وأن عليه الرحيل عاجلاً، فمن باب أولى سيمنع من ثقة المواطن له، مما سينتج عنه مغادرته للمكان، والبقاء في المنزل، أو الخروج للشارع، وإحباطه ويأسه من المحاولة مرة أخرى، أضف لذلك أن عدم ثقة المواطن بالمواطن سيزيد من تفشي العمالة الوافدة، وتسلطها على المراكز التجارية والقطاع الخاص عموماً، وهذا من الطبيعي جداً؛ إذا رأى المواطن يقبل عليه ويعرض عن الشاب السعودي فهذا سيرفع من ثقته بذاته، وفي المقابل سيحبط الشاب وتقل ثقته بنفسه وما يقدم.

وهنا أود التذكير بأمر هام هو، أن نقيس ما قلت في السابق على كل فرد منا حيث سيعطي فكرة واضحة عما قلت؛ أي كل واحد منا حين يبدأ مهنة حديثة تجده أكثر ما يبحث عنه هو التشجيع والدعم والقبول فمتى لقيه في دربه أبدع واجتهد وأنتج، وأراد أن يثبت ذاته وقدراته ومواهبه، وفي المقابل إذا وجد الجفاء والتقبيط والتهميش حطمت نفسيته وتراجع أداؤه وبدأ في التركيز والانتباه على نقاط ضعفه ونقصه مما يزيد من تضخمها. قصة حدثت معي: ألج لهذا المركز التجاري بشكل شبه يومي، وكما هو معلوم تجد فيه المواطن الشاب والوافد العربي والآسيوي، وكنت إذا أقبلت على المركز أتجه نحو الشباب السعوديين، وأبد بالتحية والبسمة، ثم إن كان لي ما أود الاستفسار عنه أذهب إليهم، مع رؤيتي للعمالة الوافدة الذين لاحظوا على ذلك، وكنت أشعر بذلك في ملامحهم، لأنهم تعودوا إقبال الزوار والمشترين إليهم، ولكني خالفت القاعدة، ومضيت على هذا فترة طويلة تصل إلى ثلاثة أشهر، لن أبالغ إن قلت أني بدأت أشعر بالثقة تنبع في ذواتهم، والبسمة تعلى محياهم عند استقبالهم والكلمات الطيبة الخيرة يتبادلونها مع زوارهم, وشعرت أن لي خصوصية عندهم مع العلم أنه ليس لي معرفة بأحدهم قبل ذلك، ولكن لحسن التعامل معهم والإقبال عليهم والحفاوة والثقة بهم هي التي منحتني الخصوصية.

دعوة من القلب للقلب أقدمها لكل مواطن أن يبدأ بإشعار الشاب فقط، (بالقبول والثقة)، وأن يستمر على ذلك وأن يصبح ذلك هو المنهج الحديث مع شباب الوطن، وننتظر النتائج، والتي أشعر أنها ستكون مرضية ومحققة للأهداف المنشودة.