يبدو أن بعض مسؤولينا ما زالوا يعيشون في عصر آخر، أو أنهم لم يستوعبوا بعد كل هذه التغيرات التي تحدث حولهم بعد سنوات من جلوسهم على المقاعد الوثيرة في المناصب التنفيذية الكبرى، لدرجة أنهم أصبحوا معها منفصلين عن واقعهم، أو أنهم «ملوا» من الخدمة العامة ومميزاتها، لكنهم متمسكون بكراسيهم رغم توقفهم عن التطوير أو بذل الجهد الواجب في مواقعهم التنفيذية.
أو ان هذا السلوك والبرود والتعاطي الهادئ أو السخرية أحياناً مع الناس ليس جديداً، بل هو نمط لممارساتهم القديمة، لكن لم يكن متاحاً له أن يظهر، أو أن تكشفه وتفضحه وسائل الإعلام والاتصالات التقليدية القديمة. لكن اليوم اختلفت الصورة وانكشف المستور، حيث يظهر بين وقت وآخر ما خلف الكواليس إلى مسرح العرض التقني الاتصالي الجديد - الإنترنت، وينتقل بسرعة فائقة عبر الهواتف المتحركة.. والحالات كثيرة، وتنقل شفهياً روايات عديدة ومواقف عن عدم مبالاة مشابهة، ويوجد اليوم الموثق منها صوتا وصورة لسلوك - غير مسؤول - لمسؤولين يكفي للإثارة والصدمة.
مهم جداً أن يدرك المسؤول وزيراً أو مديراً أو سفيراً، أن تحميله مسؤوليته الوظيفية هو تكليف لإدارة ورعاية شؤون المواطنين، وليس التعالي على الناس أو لعب دور المتسلط الذي ينتظر الناس إشاراته لتنفيذها أو السخرية أو حتى إظهار احترام أقل.
ما يظهر أحياناً يؤكد وجود عقليات إدارية لم تعد صالحة للمرحلة، المرحلة تحتاج إلى وعي تام يرتقي لتطلعات القيادة، وليس الاسترخاء أو السخرية وارتكاب المزيد من الأخطاء، حيث تشعر أحياناً أنك أمام «دكتاتور صغير» لا موظف لتقديم «الخدمة العامة» للناس، تكليفاً لا تشريفاً.
إن استمرار بعض مسؤولينا الحكوميين بنفس عقليتهم وسلوكهم الإداري قبل ربع قرن، هو في الحقيقة سلوك له نتائج كارثية من حيث لا نحتسب، إنها أمانة تحتاج إلى رعاية وتجديد، وإعادة تشكيل عاجلة وقوية وجادة للحفاظ على قوة الجهاز الحكومي التنفيذي في هذه المرحلة المهمة.
إلى لقاء