لقد سعدت كثيراً بحضور لقاء ومحاضرة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز آل سعود أمير منطقة الرياض، بالجامعة الإسلامية، بطيبة الطيِّبة، وتأتي مشاركة الأمير في هذه المناسبة في برنامج الجامعة الثقافي والعلمي، بمحاضرة عن «الأسس التاريخية والفكرية.. للدولة السعودية»؛ امتداداً لاهتمام سموه الكريم بالتاريخ والتراث عموماً، وتاريخ المملكة والدولة السعودية خصوصاً:
مَا غَابَ سَلّمَانُ يَوماً عَنْ مُنَاسَبَةٍ
في رِفْعَةِ العلم أو في خِدمَةِ الأُسُسِ
والباحث في سيرة الأمير سلمان - حفظه الله - يلمس حبه للعلم، وعشقه للتاريخ والحضارة، وكثرة اطلاعه، وسعة أفقه، وبعد نظره، ولا أدل على ذلك من كثرة المؤلفات الشرعية، والمصادر التاريخية، بمكتبته الشخصية، التي بلغ عدد محتوياتها قرابة عشرين ألف عنوان، تعكس اهتمامه بالجوانب التاريخية والعلمية، وتؤكّد رؤيته الواسعة والشاملة في الطرح، وقد أحب سموه الكريم التاريخ، وولع به قراءةً وتعلّماً، وكان مُلِماً بتاريخ الجزيرة العربية، وبقبائلها وأسرها وأنسابها، لذلك أصبح رجلاً صانعاً للتاريخ، لصلته الوثيقة والمباشرة بتاريخ المملكة، وملوكها وأمرائها، وتراثها وأحداثها، وتتجلّى صور ذلك من خلال ما يلي:
1- رئاسته لمجلس إدارة، دارة الملك عبد العزيز بالرياض.
2- إنشاؤه لكرسي الأمير سلمان بن عبد العزيز آل سعود للدراسات التاريخية والحضارية ل(الجزيرة) العربية، بجامعة الملك سعود.
3- رئاسته الفخرية للجمعية التاريخية السعودية.
4- إنشاؤه لجائزة الأمير سلمان السنوية لدراسات تاريخ الجزيرة العربية.
5- إلقاؤه محاضرة عن حياة المؤسس - رحمه الله - بجامعة أم القرى عام 1429هـ.
6- افتتاحه للمعرض الخاص بحياة الملك عبد العزيز - رحمه الله - بجامعة أم القرى.
7- رئاسته لمجلس إدارة «مركز تاريخ مكة المكرمة».
8- إلقاؤه محاضرة عن «الأسس التاريخية والفكرية.. للدولة السعودية» بالجامعة الإسلامية.
9- حصوله على درجة الدكتوراه الفخرية في الآداب من جامعة أم القرى.
10- إنشاؤه كرسي الأمير سلمان بن عبد العزيز آل سعود لدراسات تاريخ المدينة المنورة بالجامعة الإسلامية.
11- حصوله على شهادة العالمية العالية «الدكتوراه الفخرية في تاريخ الدولة السعودية» من الجامعة الإسلامية.
12- رئاسته لمجلس نظارة بحوث ودراسات المدينة المنورة.
13- رعايته للكثير من الندوات التاريخية والحضارية والثقافية.
وعليه يتضح لنا عناية سموه الكريم بالعلم والتاريخ، والحضارة العريقة، والثقافة والمثقفين، والمناسبات الثقافية والفكرية.
وتأتي محاضرته القيّمة، بالجامعة الإسلامية، والتي حملت عدة مضامين ودلالات تاريخية وتربوية ووطنية، جديرة بالتأمل والنظر، ومن هذه اللفتات قول سموه الكريم: (إن هذه البلاد لم تتأسس على العصبية، وإنما أسست على المبادئ الإسلامية، وعلى راية التوحيد، ولأهمية ارتباط هذه البلاد بالدين الإسلامي، فقد نصَّ النظام الأساسي للحكم، في مادته الأولى على أن المملكة دولة عربية إسلامية، ذات سيادة تامة، دينها الإسلام، ودستورها كتاب الله تعالى، وسنّة رسوله صلى الله عليه وسلم).
ومن الحقائق التاريخية المهمة التي أدلى بها سموه الكريم قوله: (وعندما خاطب الملك عبد العزيز - رحمه الله - المواطنين في أثناء زيارته للمدينة المنورة، في محطة العنبرية في 21 ذي القعدة 1346هـ، أشار إلى أهمية نصرة الدين، الذي هو أساس هذه الدولة، وذلك حسب ما نشر في «صحيفة أم القرى» قال: «إنني أعتبر كبيركم، بمنزلة الوالد، وأوسطكم أخاً، وصغيركم ابناً، فكونوا يداً واحدةً، وألّفوا بين قلوبكم، لتساعدوني على القيام بالمهمة الملقاة على عاتقنا، إنني خادم في هذه البلاد العربية لنصرة هذا الدين، وخادم للرعية» ويواصل اليوم سيّدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - يحفظه الله - هذه السياسة، المبنية على أسس الدولة، من حيث نصرة الدين، وخدمة الحرمين الشريفين والمسلمين، والحرص على شعبه، وعلى ما يخدمهم وينميهم، ويسهم في رقيهم، ولا شك أن هذا الحرص الذي يوليه الملك عبد الله لشعبه وبلاده، والذي يوليه أيضاً جميع إخوانه، وأبناء هذه الأسرة لهذه البلاد، هو استمرار لهذا المنهج، وهذه الأسس التي تقوم عليها المملكة):
سلمانُ كم نعمةٍ جاءت مغردةً
لما استقت من حنان العلم والعملِ
عينٌ على الشعبِ، والأخرى مصليَّةٌ
تدعو الإله، وتبكي خشية الزللِ
والهمة.. الهمة العلياء في شُغُلٍ
بِكَ استطالت، وصارت أعظم المُثُلِ
ومن توجيهات سموه الغالية والثمينة في نهاية المحاضرة قوله: (أنصح بالاختلاط بالمفكرين، وبالقراءةِ والإكثار منها بعمقٍ للاستفادة).
وفي الختام أشكر لصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز آل سعود، على تجشمه لإلقاء هذه المحاضرة التاريخية والعلمية، ولهذا التألق الرائع في الطرح، ولمعالي مدير الجامعة الدكتور محمد العقلا على حسن اختياره لهذه الشخصية الحكيمة والفذة، وعلى حسن استضافته.
خالد بن محمد الأنصاريعضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية