طبعاً لا بد من الترحيب بأي تحرك لرأب الصدع بين طرفين، رغم أن أية حكومة لا يمكن أن تكون طرفاً معادياً لأي شريحة أو فئة من شرائح شعبها، إلا أنها لا بد أن ترحب بأي جهد يوضح المواقف ويُظهر اللبس وحتى الانسياق وراء الخطأ، خاصة إذا كان الطرف الذي سلك نهج الخصومة مع الحكومة يُنفِّذ مخططات لدولة إقليمية ليست خافية على أحد.
ما يحدث في مملكة البحرين الجميع يعرف أنه حصل بفعل فاعل، وأن الفئة التي سلكت أسلوب التخريب وقطع الطرقات والاعتداء على المواطنين والمقيمين من أجل فرض مطالب لا يتوافق معها الجميع جاءت بإيحاء وتوجيه دولة إقليمية معروفة بعدائها للبحرين ولانتمائها العربي؛ ولهذا فإن المبادرة الخيرية التي أُطلقت من قِبل دولة الكويت لا بد أن تجد ترحيباً وتشجيعاً من كل أهل الخليج العربي، وفي مقدمتهم أبناء البحرين، خاصة أن هذه المبادرة تقطع الطريق على استغلال تلك الدولة الطامعة لتحرك فصيل من المكونات السياسية البحرينية الذي كان يسعى في البداية إلى الدفع أكثر لتحقيق إصلاحات سياسية واقتصادية في مملكة البحرين التي يُسجَّل لها أنها أول دولة في المنطقة العربية قد بادرت إلى إنجاز العديد من الإصلاحات السياسية والاقتصادية قبل أن يفكر بها الآخرون، فضلاً عن المطالبة بها وتجييش المظاهرات والاحتجاجات التي تشهدها كثير من الدول العربية؛ فقد أنجز الملك حمد بن عيسى آل خليفة إصلاحات دستورية شملت كثيراً من التعديلات، انعكست إيجابياً على الواقع البحريني، وسمح لمن قادوا التظاهرات في مملكة البحرين بالانخراط في العمل السياسي العلني بعد أن كانوا يمارسونه سرياً، وبعضهم يمارسونه من خارج البلاد.
هذه الإصلاحات التي تؤسس لانطلاقة متقدمة تشمل تحسين الأداء السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وكان الملك يستعد لإطلاق حزمة إضافية من الإصلاحات، إلا أنه كانت هناك محاولة لاستغلال ما تشهده المنطقة من اضطرابات، بعضها مبرَّر وعائد لأوضاع تلك البلدان، وهو ما أدى إلى إحداث التغييرات التي شهدناها، لكن هذا لا يتطابق مع وضع البحرين التي أبدت قيادتها دائماً - ولا تزال - استعدادها للحوار والاستماع للمطالب المنطقية والمشروعة لكل الأطياف داخل المجتمع البحريني؛ ولهذا فإن تسلق موجة الأحداث ومحاولة استثمار الأوضاع في بعض البلدان ظناً من الذين ورطوا من قاموا بالاضطرابات في البحرين، التي بدأت التظاهرات فيها سلمية، وأخذت تتصاعد إلى ارتكاب أعمال إجرامية تمثلت في الاعتداء على المواطنين من الطيف الآخر، وتخريب الممتلكات العامة، مع رفع سقف المطالب إلى حد الوصول إلى نقطة الإلغاء للطرف الآخر، والتدرج لهذا السلك ممن يصنفون على أنهم معارضة، يكشف أن المتظاهرين أو المحتجين وحتى أفراد المعارضة الذين قادوا هذه التحركات قد اختُطف جهدهم، وسُيِّر هذا الجهد خدمة لدولة إقليمية لم تعد خافية، وتعتقد أن الظروف الحالية في المنطقة توفر فرصاً للتوتر والهيمنة على حساب مصالح البحرينيين، وهو ما انساقت إليه المعارضة باندفاع خطير، بوعي وبدون وعي؛ ولهذا فإن التحرك مطلوب لوقف تدخل هذه الدولة في الشؤون الداخلية لدول الخليج العربية.. وإلا احتجنا إلى تشكيل فرق إطفاء ومبادرات لإفشال ما تفعله هذه الدولة بمنطقتنا.
JAZPING: 9999