ينيخ معرض الكتاب الدولي رَحْلَهُ في العاصمة الرياض هذه الأيام، مفعماً بالأمل، ومستحضراً الوفاء بعهد قطعه قبل نحو عام مضى بأن يكون متحولاً نحو الأفضل، ومزدهراً بالعديد من صور الوعي المعرفي، وزاهياً بالأجمل في الحضور والتميز، ولاسيما وأن معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته هذا العام احتجب لظروف التحولات الجديدة هناك.
ومع بقاء المعرض الدولي للكتاب في العاصمة الرياض محافظاً على هيئته الورقية، وبكتبه البيضاء، وصفحات قصصه الملونة وطبعات مؤلفاته المتكررة يظل السؤال قائماً عن مدى إمكانية مجاراة ثورة التقنيات الحديثة في النشر الإلكتروني؟ إذ يبشر بعضهم بأن تقنيات الإنترنت والفيس بوك والتويتر والنيتالوج قد تُعِدُّ مفاجأة ما، من قبيل فت عضد مريدي الكتاب في صورته التقليدية، بل ووصفه بأنه مشروع بات يهرم.
أما وجود الأنشطة المنبرية المساندة للمعرض فإنها تحتاج إلى تقييم حقيقي، لمعرفة مدى جدواها وتأثيرها والفائدة التي يمكن لرواد المعرض أو المتسوقين أن يستفيدوا منها.. وهل ستنعش مثل هذه المحاضرات والأمسيات وحفلات التوقيع الجو العام للكتاب والمؤلفات بأنواعها؟ أم أنها ستكون في ركب تجربة العامين الماضيين في تواضع حضورها والإشارة بوضوح إلى عدم الجدوى من هذه الأنشطة المصاحبة.
أما الانتعاش الحقيقي فإننا قد نلمسه بوضوح في حجم مبيعات الكتب والمؤلفات التي جلبها الناشرون من جهات عدة، وقد لا يكون الانتعاش مقتصراً على من يأتي من دور النشر في الخارج، إنما الناشرون في الداخل لهم ذات النوايا في التكسب والبحث عن زبائن.
أما المعرفة والمعلومة والقيمة في الكتب والمؤلفات فهي ضالة الحضور في هذه المناسبة فالكل يغني على ليلاه كما تقول العرب، وكل يطمع بوصل الكتاب.. (وكل يدعي وصلا بليلى، وليلى لا تقر لهم بذاكا..).
معرض الرياض الدولي للكتاب في نسخته الجديدة يعد فرصة مناسبة للتواصل مع الإنتاج الفكري والمعرفي باعتباره الهاجس الإنساني الذي قد يصدق رغم ما يكتنف صناعة الكتاب ومشروع النشر وطرق التأليف من معضلات أو معوقات، ربما أهمها قلة الإيراد، وعدم الجدوى المادية من وراء بعض الأعمال النظرية رغم محاولات دور النشر مد صور الفأل مع هذه الجسور المتعددة للتواصل المعرفي لعلها تحقق الفائدة والربحية المناسبة معاً.