لم يكن حديث وزير الشؤون الاجتماعية الدكتور يوسف العثيمين قبل أيام ، من أن: «السكن يلتهم (50 %) من دخل المواطنين، وتوفيره يعد أحد أهم وسائل علاج الفقر»، سوى صدى عما يسميه المواطن «أزمة سكن»، عانى منها كثيراً، بعد أن ارتفعت نسبة الذين لا يملكون مساكن إلى معدلات عالية،
في ظل ارتفاع أسعار العقارات، وقلة العرض، وازدياد الطلب على الوحدات العقارية. مع ضرورة ملاحظة، أن صندوق التنمية العقاري، لم يستطع تغطية الحجم الكبير من الطلب، خصوصاً وأن «80 %» من المتقدمين إلى صندوق التنمية العقارية من الموظفين الحكوميين، لم يستفيدوا من القروض. ولا القطاع الخاص، تقدم بحلول معقولة. ولا البنوك، قدمت ما يسهم في حل هذه الأزمة.
يعتبر توفير السكن كافيا؛ لتعديل أوضاع المواطنين، وضرورة من ضرورات الحياة. فقضية السكن تؤثر بشكل، أو بآخر على الاقتصاد الوطني سلبا، أو إيجابا. فهو يساهم بلا شك في التأثير على عطاء الأفراد، وإنتاجهم العملي، ضمن مسيرة الدولة التنموية. وإن كانت كل المؤشرات مع الأسف ، توضح عدم كفاية الجهود المبذولة؛ لمجابهة الطلب المتزايد على الإسكان. إضافة إلى غياب الرؤى المستقبلية للإستراتيجية الوطنية للإسكان، فأصبحنا نعاني اليوم من أزمة عقار متفاقمة. لا سيما وأن الفجوة بين الطلب والعرض، تتزايد سنة بعد سنة؛ لعدم وجود ضوابط، توفر الحجم المطلوب من الوحدات السكنية، مما سبب عجزاً يصل إلى مليون وحدة سكنية في الوقت الحالي، بسبب التركيبة السكانية التي تشهد نمواً مطرداً في البلاد. وهو ما أشار إليه أخي ناصر العلي، من أن الطلب على المساكن خلال خطة التنمية الثامنة، والطلب التراكمي غير المشبع من الخطة السابعة، حسب تقديرات الخطة، يناهز المليون مسكن، بمتوسط «200 « ألف وحدة في العام. والشواهد تدل على أن القطاع العقاري، يتجه إلى الصعود، وإلى مزيد من النمو، وذلك لعدة أسباب، منها: النمو السكاني المتزايد للسعوديين، حيث إن «67 %» من السكان، هم دون الثلاثين. أيضاً قيام المدن الاقتصادية، والتي ستسهم في ازدهار، وتنمية الحركة الاستثمارية. وارتفاع الفوائض المالية في المملكة، نتيجة لارتفاع أسعار البترول. واتجاه المستثمرين إلى الاستثمار في العقار، بعد انهيار سوق الأسهم. والعجز الكبير في عدد المساكن، إذ يقدر أن نحو «38%» من السكان لا يمتلكون منازل. كل تلك الأسباب، تقدر الاحتياجات بنحو أكثر من مليون وحدة سكنية في الوقت الحاضر، وإلى أكثر من «4.2» مليون وحدة سكنية حتى عام «2024م». إضافة إلى التطورات فيما يخص الأنظمة، والتشريعات الخاصة بالتنمية العقارية، ومن ذلك: نظام الرهن العقاري، وكود البناء، ودخول الكثير من الشركات الخليجية، والأجنبية إلى السوق السعودية؛ لتأسيس فروع لها، والاستثمار، والتملك في السوق العقارية. كل تلك العوامل، أدت إلى تفاقم مشكلة السكن، وتحولها إلى أزمة مشابهة لأزمتي البطالة، والفقر.
إذا كانت مشكلة الإسكان، تكمن في عدم توفير القطاعات العقارية والمطورين، لمساكن ذات تكلفة اقتصادية، تتيح أن يتملكها ذوو الدخول المحدودة والمتوسطة، فإنه يجب التأكيد على أن: تقوم الهيئة العامة للإسكان، وأمانات المدن، والمحافظات بممارسة مهامها، وتوفير وحدات سكنية، يتم تنفيذها في كل جوانبها عبر شركات التطوير العقاري، وبسعر يتناسب مع الدخل السنوي للمواطن؛ لكسر احتكار شركات تمويل العقاري، وقطاع البنوك، إذا ما أقر نظام الرهن العقاري مستقبلاً .
إن سن الأنظمة الرادعة؛ لتنظيم الاستثمار العقاري والسكني، والعمل على الحد من المضاربة على الأراضي الخام، حتى وصل السعر في عدد من الأحياء السكنية، لأكثر من «3000» ريال للمتر. إضافة إلى العمل على تطوير آليات التمويل الإسكاني، خطوات على الطريق الصحيح؛ لتوفير المساكن للمواطنين، ووضع حد للارتفاعات غير المبررة، التي تشهدها السوق.