عندما تكشف اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات، أن المملكة - لا تزال - تعد أقل دول العالم من حيث انتشار المخدرات بين أفرادها، والمقدرة تقريباً ما بين 1.22 و6 مقابل كل 1000 من السكان،
فإن ذلك يعد دليلاً ظاهراً على أن الوطن بكافة مؤسساته الإعلامية والتربوية والدعوية والتعليمية في أيد أمينة، وهي قائمة بلا شك على تنفيذ الإستراتيجية الوطنية لمكافحة المخدرات في المملكة على المدى البعيد.
تأكيد سمو الأمير نايف بن عبدالعزيز قبل أيام على العلاقة الوثيقة بين ظاهرة وجود الأموال وغسلها, وبين وجود المخدرات, إضافة إلى تحرير رؤوس الأموال؛ كونها مرحلة لاحقة لغيرها من الجرائم, خاصة مع دخول عصر العولمة وثورة الاتصالات وتكنولوجيا الإنترنت والهواتف النقالة، وبدون التأكيد على تلك العلاقة, سيتعذر مكافحة المخدرات عندما تكون بمعزل عن جرائم غسل الأموال، فهذه الآفة تعتمد على طبيعة العمل الإجرامي, ونوعية المشروع الاقتصادي؛ من أجل التمويه على مصدر الأموال المشبوهة وطبيعتها خشية الملاحقة الأمنية لأصحابها, هذا من جهة، ومن جهة أخرى نظراً لضخامة المردود المادي لهذه التجارة.
لاسيما وأن تقديرات اقتصادية أظهرت أن حجم عمليات غسيل الأموال على مستوى العالم تقدر بنحو 5.1 ترليون دولار سنوياً ينتج50% منها عن تجارة المخدرات، وتوزع البقية بين تجارة الأسلحة والدعارة وغيرها من الجرائم. في حين تستطيع الحكومات رصد ما نسبته40% إلى 50% فقط من هذه العمليات ومكافحتها. وتقول الأرقام الدولية: إن حجم تجارة المخدرات في العالم يصل إلى 400 مليار دولار سنوياً, إلا أن هناك تقديرات بأن الرقم الأقرب إلى الصحة هو 600 مليار دولار. وتقديرات أخرى تشير إلى الرقم 1500 مليار دولار, أي بما يعادل مبلغ نصف حجم التجارة العالمية.
إن مشكلة تعاطي المخدرات في ازدياد رغم الجهود الجادة لمكافحتها، ولذا فإن العمل على مواجهة ظاهرة الاتجار بالمخدرات والمؤثرات العقلية وتوعية جمهور المتعاطين بأضرارها وأخطارها وتطوير مراكز معالجة المدمنين وتأهيلهم ورعايتهم اللاحقة وتشجيع دعم الهيئات والجمعيات ومؤسسات المجتمع المدني العاملة في مجال الوقاية من المخدرات، ومعالجة آثار الإدمان ومواصلة التعاون والتنسيق مع المنظمات والهيئات العربية والدولية المتخصصة في هذا المجال، هي خطوات مهمة في هذا المجال.
فقد أثبتت الدراسات والأبحاث التي أجريت على تأكيد وجود علاقة بين غسيل الأموال وحركات الإرهاب والتطرف والعنف الداخلي، فضلاً عن نشاط المافيا العالمية, ودورها في حدوث الانقلابات السياسية في بعض الدول النامية، مما قد يزعزع أمن واستقرار المجتمعات النامية في دول العالم الثالث، فالجهود يجب أن تكون متكاملة يسند بعضها بعضاً, ليس بينها تناقض أو تضارب.