انفصال جنوب السودان عن شماله - المحتمل حدوثه - بعد حرب طال مداها، ولمدة واحد وعشرين عاماً هو انفصال مكروه كأي انفصال سجله التاريخ لما يؤدي إليه من ضعف وتأخر، ولكن هذا هو واقع القوة إذا أصيب صاحبها بغطرسة وطمع وتجاوز على حقوق الغير، ولنا مع هذه الغطرسة تجارب وخبرات.
وأظن أن الرئيس السوداني لم تأخذه العزة بالإثم، فالعقل بما أملاه يتميز على ما عداه، وأظن أن بنود المحادثات التي سبقت الانفصال والتي أدارها أبناء الشمال مع أبناء الجنوب فيها الحكمة والعقل؛ حيث انتهت المفاوضات بشروط رفيعة مثل شعرة معاوية - رضي الله عنه - في دقتها.
حفظ الله السودان من جهاته الأربع، وأعانه على مستقبل المجهول فيه يفوق ما نعلمه، والله حكيم عليم.
ومن ناحية أخرى ما يحدث في تونس والجزائر، فهو الأدهى والأمر، وللعام الجديد مفاجآت ماثلة أمامنا كالأحداث التي يعرفها الجميع (يوقعها من يوقعها).
والأمر لا يتغير إلا بفهم الواقع، والسعي لإصلاحه؛ فما يحدث ليس صدفة وأظن أننا جميعاً نعرف المقصود بذلك (غطرسة القوة) ولا أحسب أنه بعيد عنا, وأحداث الاتحاد السوفيتي سابقاً شاهد على التاريخ.
ما أراه حادث تستقيم معه حركة الطريق إن أحسنا القيادة، والإرهاصات تأتي ويأتي معها ما نتمناه.
إننا أمة أعزها الله بالإسلام ولها أمجاد تذكر، إنها حضارة إنسانية رائدة تحققت مع الإسلام وعدالته وبطولة رجاله تحسب سبباً وهو الأساس، وفي مقدمة ذلك الرجل العظيم - صلى الله عليه وسلم -.
ألا يدعونا هذا إلى بصر وتبصر وتذكّر؛ فالعقيدة حافز وقوة تحرك الأمة لصياغة الأمجاد وحفظ الحقوق والإحسان إلى الجار والمحتاج.
إنها ليست دعوة تحركنا إلى الخلف؛ ولكنها تأخذنا إلى الطريق الذي بإذن الله لا تنحرف عنه، فإدراك مصادر القوة لدى الغير، والضعف لدينا إشارة لا غموض فيها.
إن الحافز الذي يحقق مثل هذه الحضارة ليس من الأمور التي تقبل الجدل أو التردد، فما نحتاجه أن نعرف الطريق لذلك كله.
لقد طغى الظلم بالدرجة الأولى علينا، وعلى غيرنا ظلم تمارسه القوة المتغطرسة. والله الموفق.