Al Jazirah NewsPaper Tuesday  14/09/2010 G Issue 13865
الثلاثاء 05 شوال 1431   العدد  13865
 
الفريق يصنع الفرح في الجبيل
فضل بن سعد البوعينين

 

في ساحة «بلدة الجبيل» القديمة، جبيل ما قبل الطفرة الصناعية، والمدنية، عاش الأهالي فرحة العيد الحقيقية بعيدا عن التصنع، وتعقيدات الحياة. برغم محدودية الموارد وقسوة العيش كان العيد يمثل الملتقى الثقافي للأهالي، ولجماعات مختلفة دفعتها الحاجة للبحث عن الكسب الحلال والاستقرار في البلدة المزدهرة نسبيا بسواحلها، ومينائها الصغير (الفرضة) الذي كان ممرا رئيسا للبضائع المستوردة من الهند، (بلاد فارس)، ودول الخليج، والمعاد تصديرها، على ظهور الجمال، إلى الأحساء، نجد، والقصيم. تعايش القادمون من دول الخليج والمناطق البعيدة مع سكان الجبيل؛ فشكلوا فيما بينهم تركيبة اجتماعية متجانسة وجدت في العيد فرصة لإبراز ثقافاتها الخاصة من خلال الاحتفالات البسيطة الغنية بالموروث الأصيل. بالرغم من سيطرة العرضة السعودية على احتفالات العيد إلا أن «رقصة الحرب» العمانية نجحت في جذب المحتفين بالعيد؛ لاحتوائها على حركات قتالية كانت تؤدى بالسيوف والدروع الصغيرة التي يستعاض عنها في بعض الأحيان بقطع معدنية مهملة. لم يكن للأطفال نصيب واسع من اللهو غير الألعاب الشعبية، وبعض المسابقات التي يمكن أن تدرج ضمن المحرمات لما فيها من مقامرة صريحة، ومع ذلك تذوق الأطفال نشوة الفرح الجميل. مع تطور المدنية، وتدفق الخيرات، تقلصت الأفراح وتلاشت مظاهر الاحتفالات الجماعية إلا من بعض الجهود الخاصة التي أسهمت في حفظ الموروث، وإحياء العيد في نفوس الأهالي. ذهبت الفرحة الحقيقية، وبقيت مظاهرها المصطنعة التي لم تنجح في إعادة الفرح النقي إلى نفوس المواطنين.

اليوم عادت أفراح الوطن إلى ما كانت عليه سابقا بعودة التنظيم الرسمي للاحتفال بالأعياد والمناسبات الرسمية. إقامة الاحتفالات تحت مظلة إمارات المناطق والمحافظات أعطتها بُعدًَا اجتماعيًّا واسعًا، خلافًا للبُعد الرسمي الذي كانت في أمسّ الحاجة إليه. أصبح المواطن والمقيم جزءًا من تلك الاحتفالات الرسمية الجماعية التي نجحت في إشاعة مظاهر الفرح في أرجاء الوطن. التنظيم الرسمي للاحتفالات حقق هدف التضامن، وانصهار الجميع في بوتقة واحدة، بعيدًا عن الفرقة والاختلاف. يحسب لمحافظة الجبيل نجاحها في جمع المدينتين المتلاصقتين في ساحة الاحتفاء الرسمية. تجمعات الفرح وتوحيد الجهود بين المحافظة والهيئة الملكية لا بد أن يفضيان إلى مزيد من التقارب، والتعاون المثمر بين المدينتين. ويحسب لمحافظ الجبيل الأستاذ عبدالمحسن العطيشان حرصه الشديد على تحقيق الاندماج بين مكونات المجتمع الواحد وحرصه على وجود الجميع في موقع الاحتفال الرسمي الذي يمثل الوطن والمواطن والمقيم.

روح الفريق الواحد وتوحيد الجهود أسهما في إشاعة الفرحة، وإنجاح برنامج الاحتفاء بعيد الفطر السعيد، الذي نُفّذ لأول مرة تحت مظلة المحافظة. دخول الهيئة الملكية للجبيل وينبع ضمن الأعضاء الفاعلين في الفريق أمر يستحق التقدير والإشادة. كل خطوة مباركة تدفع نحو التعاون والتكامل بين المدينتين المتلاصقتين قادرة - بإذن الله - على إحداث التغيير المحقق للمصلحة الوطنية. الخطوات المباركة التي يهدف من خلالها تحقيق المصلحة العامة، ولمّ الشمل، ودمج المجتمعات المتباعدة وصهرها في مجتمع واحد، قادرة - بإذن الله - على تحقيق أهداف التكامل مستقبلاً؛ فرحلة الألف ميل تبدأ بخطوة، وأحسب أن الهيئة الملكية للجبيل وينبع خطت خطوات في مد جسور التعاون المثمر بين المدينتين المتلاصقتين، ولعلي أشيد بمبادرة الرئيس التنفيذي للهيئة الملكية بالجبيل الدكتور مصلح بن حامد العتيبي بعقد اجتماعات مع الأهالي والمجلس البلدي وطرح وجهات النظر المختلفة بكل شفافية ووضوح للوصول إلى الطرق المثلى لتحقيق التعاون المثمر بين المدينتين.

احتفالات العيد المباركة كان خلفها جنود مجهولون عملوا لأيام متواصلة من أجل إظهار الحفل في صورته البهية وتنظيمه المتميز. فبالإضافة إلى المحافظة، الهيئة الملكية، والبلدية، كان لرجال الأعمال، الشركات الداعمة، لجنة التنظيم دور رئيس في إنجاح الحفل، وكان لمدير العلاقات العامة بالهيئة الملكية فيصل الظفيري جهد مميز في الجانب البروتوكولي، والتنظيمي؛ فلهم جميعًا الشكر والتقدير.

فرحة الأهالي الوقتية قد تحققت في أيام العيد الثلاثة، إلا أن فرحتهم الدائمة لن تتحقق إلا باستنساخ فريق العمل الحالي لتشكيل فريق عمل تنموي يضم في عضويته المحافظة، الهيئة الملكية بالجبيل، البلدية، المجلسين المحلي والبلدي، ويهتم بتحقيق أسس التكامل الخدمي بين المدينتين، التخطيط الشامل، ووضع تصور تطويري متكامل لمستقبلهما، إضافة إلى توحيد الشروط، المواصفات، والمقاييس الخاصة بالبناء، المشروعات الخدمية، الرقابة، والتنمية التعليمية، الترفيهية، والاجتماعية، وهو ما تحتاج إليه مدينة الجبيل، ويستحقه سكانها. شكرًا للجميع، وكل عام والقيادة، والوطن، والشعب بخير وسعادة وأمن وازدهار.

****

F.ALBUAINAIN@HOTMAIL.COM


 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد