مات غازي القصيبي فأتى الحزن يشغل مساحات النفس
ذاك من نعيشه نبض أخذ منا جزء من حياتنا
ولم هذا النبيل يصر على أن لا يرحل من أعماقنا
فقد أحببناه وارتشفنا حرفه جمالا وحسا ووجدانا
نثر من القصائد ورودا وزهورا متنوعة الجمال زرع حديقة غناء في أطرافها سنابل القمح وفي روابيها أغصان الزيتون
وعلى متونها أشجار النخيل والفواكة تحفها أزهار الياسمين
تعشقنا أشعاره وتذوقنا رواياته
وسرنا معه إلى دروب ألفناها في حياة الإدارة
وشقة الحرية
جاهد بقلمه الذهبي في أوج عواصف الحروب
وأتحف أسماعنا بالوطنيات
وهديل قصائدة تتهادى قبل هدهدات ابنته هديل
ثم ألبس وشاحا حزين عند نافذة هديل
وكأنه يتشاطر مع مالك ابن الريب في فقد الابنة
في وداعٍ حزينٍ تتقاطر على جنات الورق حروف باكية
مع بواكير التأهب للرحلة النهائية
ليختتم الرحلة الدكتور غازي في أجمل أيام الدنيا
في مستهل شهر رمضان ليترك فينا وخزات ألم
ويدفن فينا حبا قد ترعرع نباته من أول ما سطع
ضوء الكهرباء في وطننا بقوة بصيرته وتناهي إخلاصه
وحين أضاء طرقات المستشفيات وأسس أكبر المشافي
واوصل الرعاية الأولية لمسارات دولية تكاد تلامس
ذات الإمكانات العالمية كنت ذاك القصيبي المخلص الرائع
الأنيق الأديب الإداري
أما حين جئت للمياه كنت أول من يرسم خطة إستراتيجة لبلد يفتقر للمياه
وما أن كاد يضخ الماء إلى صنابير المنازل
تحملت مسؤولية أرهقت جهدك وكفاحك
فكان جهدا مكدودا ونفسا كادحا
لكنك الشاعر والمثقف والدبلوماسي والإداري بعد أن أشغلتك وزارتك أعلنتها صريحة فزادت معاناتك وحاربك قوم
وناصرك آخرون وأنت الذي لاتكلّ ولاتأسَ على عمل
تؤسس له بإخلاصك
أثقلت كاهلها وزارتك وأضافت لك أعباء ثقيلة
ولكن مازال من يحبك هو ذاته من أحبك
رحمك الله يا أبا يارا وجعل الفردوس نزلك
لقد نثرنا دموعا كما لوكنت تنثر بعض قصائدك
في دواوينك النازفة معك والصديقة لك
هذا حرفنا المكلوم نضيفه ل( حديقة الغروب)
وحين قلت في مناجاتك للرب جل وعلا
أحببت لقياك حسن الظن يشفع لي..
أيرتجى العفو إلا عند غفار..
ما أروعك وأنت تصور هذا الإيمان القوي
للقاء ربنا الكريم الجواد
رفع الله قدرك
وألهم أهلك الصبر والسلوان
إنا لله وإنا إليه راجعون