بعد أيام سوف يطل علينا شهر كريم يعتبر من مرتكزات الإسلام الأساسية، حيث إنه يأتي الركن الرابع من أركان الإسلام ألا وهو صوم رمضان. هذا الشهر الذي اجتمعت فيه جميع أنواع العبادة الحسية والمعنوية وما ينفع الإنسان في صحته ويعوده على التكيف مع البيئة والتفاعل معها، والذي يصب أولاً وأخيراً في إسعاد الأمة وإعلاء شأنها فلهذا شهر رمضان لم يكن شهراً فقط يتم الامتناع فيه عن الأكل والشرب من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، إنما جمع منظومة دنيوية وأخروية تخدم الإنسان في حياته ومماته؛ فالأكل والشرب وعدم الإسراف فيهما هو تنظيم صحي وبتوجيه رباني؛ لأنه بدون الصحة لا يستطيع الإنسان وهو مستخلف من الله في أرضه أن يعمر هذا الكون ويؤدي العبادة في أعلى درجاتها (المؤمن القوي خير عند الله من المؤمن الضعيف) فصيام رمضان في كل سنة من قبل المسلم يصب في صحته التي هي من فوائده أيضاً من فوائد هذا الشهر الكريم قراءة القرآن وتدبّره الذي فيه يتضاعف الأجر والثواب، والقراءة ليست خاصة بفرد من الأمة إنما هي للأمة كافة لكي تقرأ هذا القرآن بتأن وتدبّر لتستنير بآياته وأحكامه وأوامره أيضاً العمرة وزيارة الحرمين الشريفين وتأدية المشاعر التعبّدية فيهما يتضاعف الأجر فيهما؛ فعلى سبيل المثال (قول الرسول صلى الله عليه وسلم: عمرة في رمضان تعدل حجة معي) كذلك من الأمور التي تجسد التآخي والتكافل بين المسلمين زكاة الفطر التي تأتي ابتهاجاً بأن منّ الله على المسلم ووفقه لصيام هذا الشهر الكريم وترجمتها إلى جانب وجداني يضيف فرحة وبهجة على الفقير أيضاً صلاة العيد التي هي الصلاة التي تتجسد فيها الكثير من المقومات الروحية والوجدانية والتي تدل على وحدة المسلمين في معتقدهم وأفراحهم؛ فعيد الفطر هو فرحة للمسلمين وتظاهرة يفتخرون ويتباهون بها بين الأمام.
أخي القارئ الكريم: يتضح لنا من خلال ما أوردته من بعض الخصال الحميدة التي يتميز بها هذا الشهر الكريم، والذي يتطلب من المسلمين كافة من تأصيل وترسيخ آليات الاستعداد له ليس كما يحصل الآن وخصوصاً عند بعض الأسر، فمثلاً بعض بيوت الأسر العربية منذ وقت طويل وقبل حلول شهر رمضان تعد العدة وتقوم بالتحضير لنوعية الأكلات والمشروبات التي سوف تقدم في رمضان وترصد لها أموالاً طائلة لتقديم ما لذ وطاب منها والتي عادة يكون لها مردودات سلبية على صحة الإنسان، ناهيك عن ما تسببه من أعباء مالية على أرباب الأسر أيضاً مؤسسات الإنتاج الفني يتسابقون في إعداد برامج ويجعلونها على شكل مشاريع كبيرة ويغلب عليها الترفيه، لأن الملاحظ في الاستعدادات عندها معظمها يصب في جوانب فنية غير هادفة، ويفترض استغلال هذا الشهر الكريم في عرض برامج ومسابقات ومسرحيات ومشاهد كوميدية مفيدة يغلب عليها الروحانية التي يحتاجها هذا الشهر الكريم.
والله من وراء القصد..
مكتب التربية العربي لدول الخليج