تقع مدينة شقراء على بعد 200كم تقريباً غرب العاصمة الرياض على طريق الحجاز القديم وهي تعتبر حاضرة إقليم الوشم. كانت شقراء مركزاً تجارياً مهماً، حيث تأتيها قوافل التجارة من الكويت - العراق - بلاد الشام - الحجاز وهذا يعود لعاملين هامين:

الأول: موقعها المتوسط في قلب نجد.

الثاني: اشتغال رجالاتها بالتجارة من وقت مبكر.

وكما يقول بعض المصادر فإن شقراء عرفت التخصص في الأسواق قبل غيرها من البلدان، حيث كان يوجد بها أسواق المواد الغذائية، الدواجن والبيض، اللحوم، الخضروات والفواكه، الجملة والتجزئة.

ولشقراء مواقف مشرفة خلال مراحل توحيد البلاد على يد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود - رحمه الله - ونظراً لأهميتها الجغرافية والاقتصادية كلف الملك عبدالعزيز الشيخ عبدالله بن محمد السبيعي (وهو من الفاضل من آل غرير من قبيلة بني خالد) كمسؤول عن بيت المال في شقراء وفيها بني قصره الذي عرف بقصر السبيعي عام 1327هـ وتم إعادة بناء القصر على مساحة أكبر وطراز أحدث على يد ابنه الشيخ عبدالرحمن بن عبدالله السبيعي عام 1354هـ والذي أصبح مقراً للملك عبدالعزيز وأفراد أسرته عند مروره بشقراء وكلف الشيخ عبدالرحمن السبيعي بمهام والده كمسؤول عن بيت المال.

ويعد قصر السبيعي اليوم أحد المعالم التاريخية لشقراء بعد ترميمه وهو مقر لمكتب السياحة والآثار بشقراء.

وكأن التاريخ يعيد نفسه فبعد ما يقارب القرن من الزمان يتم تكليف الزميل المهندس علي بن عبدالعزيز السبيعي مديراً لمكتب وزارة المالية بشقراء وهو من نفس الأسرة الكريمة.

بدأ التعليم غير النظامي (الكتاتيب) في شقراء مبكراً، حيث أنشئت أول مدرسة للنساء في عام 1335هـ وعرفت بمدرسة هيلة البواردي وللبنين توجد عدة مدارس منها مدرسة شيحان - مدرسة محمد السليمي - مدرسة عبدالعزيز الحنطي - مدرسة حمد بن عباس، كما افتتحت أول مدرسة نظامية للبنين في عام 1360هـ وللبنات في عام 1381هـ وافتتح المعهد العلمي بشقراء عام 1374هـ وكان يوجد بشقراء مدرسة عسكرية تابعة لوزارة الدفاع والطيران افتتحت في عام 1376هـ وكثير من القيادات العسكرية الحالية أو التي أحيلت على التقاعد هم من خريجي تلك المدرسة.

سكان شقراء بالأصل من بني زيد من قحطان أما اليوم فيسكنها عدة قبائل منها عتيبة - مطير - حرب - بني تميم - بني خالد وغيرها.كانت شقراء حتى وقت قريب تعرف بمنطقة الوشم وتشمل خدماتها التعليمية - الزراعية - الصحية عدة محافظات (إمارات سابقاً) مثل الدوادمي - عفيف - القويعية - ضرماء - المزاحمية - وعلى سبيل المثال لا الحصر بلغ عدد فروع الزراعة التابعة لمديرية الزراعة بمنطقة الوشم 12 فرعاً وهذا يدل على كبر المساحة التي كانت تغطيها خدماتها.

لكن مع صدور نظام المناطق والمحافظات في عام 1412هـ الذي أعطى لكل محافظة صلاحية الإشراف على جميع الإدارات الواقعة تحت نطاق خدماتها تقلص عدد الإدارات الحكومية المرتبطة بشقراء.

تقع شقراء اليوم على مفترق طرق تربطها بمختلف مناطق المملكة فهي ترتبط بالرياض من خلال طريق الحجاز القديم وكذلك من خلال طريق الرياض - حريملاء - شقراء وجاري ازدواج هذين الطريقين، كما ترتبط بمحافظتي الدوادمي وعفيف وصولاً لمنطقة مكة المكرمة من خلال طريق الحجاز القديم، كما ترتبط بمنطقة القصيم وكذلك المجمعة وطريق الرياض - القصيم السريع.

شهدت شقراء تطوراً في جميع المجالات خاصة خلال الثلاثة عقود الماضية شأنها في ذلك شان بقية مناطق ومحافظات المملكة، سواء من حيث التوسع العمراني أو تزايد عدد السكان أو التطور في المجالات التجارية والتعليمية وكافة الخدمات.

يوجد بها اليوم أكثر من 40 إدارة حكومية وتم في السنوات الأخيرة افتتاح عدد من الإدارات الحكومية نذكر منها فرع وزارة التجارة والصناعة - مركز التنمية الاجتماعية - فرع المؤسسة العامة التقاعد - مكتب بنك التسليف - إدارة المخدرات، وتوجت تلك الإدارات، بصدور الأمر السامي الكريم بإنشاء جامعة شقراء والتي تضم أكثر من 20 كلية في سبع محافظات هي شقراء - الدوادمي - عفيف - القويعية - ضرماء - ثادق - حريملاء. والعمل جارٍ على قدم وساق لإنشاء الحرم الجامعي لتلك الجامعة الفتية.

تمتاز الإدارات الحكومية بشقراء بدرجة عالية من حسن الإدارة والتنظيم والإنجاز وهذا بشهادة المراجعين لتلك الإدارات من المحافظات المجاورة.

كما أن مباني تلك الإدارات تمتاز بطاقة استيعابية كبيرة فلو تم تطوير المحافظة مستقبلاً فإن هذه المباني قادرة على استيعاب عدد إضافي من الموظفين ومعظم تلك المباني حكومية. وتشهد المدينة حركة عمرانية وتجارية سريعة قد يلاحظها زوار تلك المدينة أكثر من الساكنين بها يوجد بها اليوم ثلاثة أسواق تجارية رئيسية وسوق حديث للخضار والفواكه وسوق للأغنام والأعلاف بالإضافة إلى عشرات المحلات التجارية المتخصصة ومحطات المحروقات.

يوجد عدد من كبار العلماء والمسؤولين من مدنيين وعسكريين ورجال الأعمال من أهالي شقراء وهي أسماء غنية عن التعريف وعامة الناس يعرفونهم ولرجال الأعمال مساهمات كثيرة في مدينتهم شقراء وخاصة المشاريع والخدمات ذات الطابع الإنساني أو الديني نذكر منها: دار التربية الاجتماعية للبنين التي أنشئت على نفقة مؤسسة الجميح الخيرية - مركز التأهيل الشامل للإناث - مركز التنمية الاجتماعية - مركز الهلال الأحمر التي أقيمت على نفقة الشيخ عبدالرحمن بن محمد الرقيب وإخوانه - جامع المهنا الكبير بشقراء بكامل مرافقه والذي بني على نفقة الشيخ عبدالعزيز بن إبراهيم المهنا ويعد أحد المعالم الحضارية بشقراء - جامع النور بكامل مرافقه والذي بني على نفقة الشيخ عبدالعزيز بن إبراهيم الفاضل وإخوانه.

كما ساهم المهندس محمد بن سعد البواردي بإنشاء قسم متكامل للولادة في مستشفى شقراء القديم مع توفير عدد من الأجهزة والمعدات الطبية للمستشفى.

ومن أجل توحيد هذه المبادرات الفردية من خلال عمل مؤسسي منظم وفق خطط مدروسة لتحقيق أهداف مستقبلية تم تأسيس مجلس أهالي شقراء والذي انبثقت عنه عدة لجان متخصصة وتضم عددا من أهالي شقراء الفاعلين سواء المقيمين داخل المدينة أو خارجها ورغم أن المعلومات المتوفرة لدي عن هذا المجلس محدودة إلا أننا نتمنى أن يسهم مع المجلس المحلي والبلدي في خدمة هذه المدينة وجميع المقيمين بها.

ورغم أن شقراء اليوم هي مدينة كبيرة وتتطور بشكل متسارع خلال السنوات القليلة الماضية إلا أنها تمتاز بالهدوء والتنظيم وقلة المشاكل وهذا يعود إلى الانسجام بين كافة شرائح المجتمع الأمر الذي دفع كثيرا من الأسر التي سكنت بها بشكل مؤقت إما للدراسة أو العمل لتقرر في نهاية المطاف الإقامة الدائمة بها.

إنني أستطيع التأكيد على أنني كنت ومازلت وسأظل أعتبر نفسي أحد أبناء هذه المدينة الجميلة بطبيعتها وبأهلها جميعاً ويكفيني ارتباطاً بها أن والدي يرحمه الله أحبها وسكن بها ودفن في ترابها لنا فيها ذكريات جميلة ومازالت عالقة بالذهن ولنا فيها جيران ومربون أفاضل وزملاء دراسة وعمل وأنساب وأرحام نكن لهم التقدير والاحترام وهم بلا شك يبادلوننا نفس المشاعر.ولأنني لا أحبذ المجاملات الزائدة لإيماني بوجود خيط رفيع بين هذه المجاملات والنفاق الاجتماعي وانطلاقاً من هذا المبدأ أقول إن هذا الطرح ليس من باب المجاملة والاسترضاء لطرف من الأطراف ولكنني أتحدث عن حقائق ومعطيات موجودة على أرض الواقع لا يستطيع أحد إنكارها والدليل على ذلك أن تلك الأسطر المتواضعة لم تكن الأولى التي أكتبها في شقراء المدينة والمحافظة فقد كتبت عنها الكثير ولا أدعي لنفسي الفضل في ذلك وأرشيفات بعض الصحف المحلية ومواقع الإنترنت تشهد بذلك الحضور والتواجد.حفظ الله لهذه البلاد أمنها واستقرارها ووحدتها الوطنية تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني وكل المخلصين من أبناء هذا الوطن المعطاء.