كلنا يلمس هذه الأيام لفحة الحر العاتية التي قل ما أصبنا بمثلها في الأعوام السابقة ولاسيما إذا مزجت برطوبة الجو، ولكن ما موقفنا نحن كمسلمين تجاه هذه الموجة المؤذية؟ سؤال تحتاج الإجابة عليه عدة وقفات:
- إن هذه الأجواء لا بد أن نعلم علم اليقين بأنها من الله عزَّ وجلَّ، ولذا لا بد أن نرضى ونسلم بأقداره علينا مهما كانت فإنها لن تكون بأي حال من الأحوال شر محض، بل إن فيها من الخير الكثير الذي قد لا نعلمه، ولكي نفوز بأجر الصبر والرضا بالقدر ولا نسخط فنخسر الدنيا والآخرة.
- إن أشد ما يصيبنا من الحر الشديد ما هو إلا نفس من نفسات النار - أعاذنا الله جميعاً منها وكفانا وإياكم شرها - كما جاء بذلك الخبر الصحيح الصريح عن الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم، لذا كان لزاماً علينا أن نتذكر نار الآخرة وعذابها وزمهريرها ونحذر سخط الجبار لكي نفوز غداً بالنجاة منها.
- استشعار نعمة الله علينا بما وهبنا إياه من نعمة تلطيف حرارة الجو وذلك بتوفر المياه والتكييف وظل المنازل وغيرها.
- التأمل في ضعف بني آدم عموماً حيث تمكن الحر من إزعاجه والبرد من إيلامه، فهو دائماً يتمنى أن يعيش في أجواء هادئة معتدلة من حيث الحرارة والبرودة بكل راحة واطمئنان، ولكن هذه هي حال الدنيا جبلت على نكد وكدر لكي تصفو الآخرة لمن آمن واتقى.
- وأخيراً يلاحظ جلياً وبكثرة في هذه الأيام لجوء الناس إلى الظل أيا كان موقعه لاتقاء لهف الحر وشدته وهذا من الحكمة والعقل ولكن السعي لاتقاء حر يوم الحشر أولى وأوجب في ظل عرش أرحم الراحمين حيث جاء في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه، ورجل قلبه معلق بالمساجد، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله رب العالمين) أخرجه البخاري ومسلم، فنسأل الله أن نكون منهم بواسع رحمته وفضله وكرمه قولوا آمين.
وفقني الله وإياكم لكل خير.