من المؤكد أن نفطنا سينضب خلال بضعة عقود، تزيد أو تنقص قليلا. لكن السؤال الكبير الذي يخيفنا ويرعبنا ومازلنا نتحاشى مواجهته هو: ماذا أعددنا لمواجهة المرحلة التي سوف تعقب لحظة نضوب النفط. لا شك أن لحظة نضوب النفط ستكون بالنسبة لنا لحظة انقلاب حاسمة في حياتنا ما لم نهيئ أنفسنا لمواجهة تلك اللحظة. الأمر هنا لا يحتاج إلى عناء كبير لكي نقرر ما يمكننا أن نفعله قبل أن نصل إلى تلك اللحظة الحاسمة ، دعونا في هذا الشأن نستفيد من تجارب كثير من الدول التي لا يوجد في باطن أرضها قطرة نفط واحدة ومع ذلك تعيش اليوم تنمية بشرية عظيمة وطفرة اقتصادية هائلة ، ما سر هذه الثورة التنموية والطفرة الاقتصادية لدى تلك الدول مع أن مخزون أراضيهم من المعادن والنفط يساوي صفرا. السر ببساطة يكمن في أن اولئك القوم آمنوا بصدق أن أعظم عوائد تنموية واقتصادية لا تتحقق إلا من خلال الاستثمار في عقل الإنسان ومواهبه ومهاراته وقدراته. أي أنهم وجدوا أن التنمية لا تتحقق إلا من خلال تطوير نظام تعليمي نوعي عالي الجودة يستخرج ويستثمر المكنون الهائل من الطاقة والإبداع الذي يختزنه الإنسان. إنهم لا يقبلون المساومة على الأخطأ في التعليم لاعتقادهم الجازم بأنه بوابتهم الوحيدة نحو التنمية.