على الرغم من وعود الرئيس الأمريكي أوباما للأمة الإسلامية التي ضمنها خطابيه اللذين ألقاهما في أنقرة والقاهرة، إلا أن الرئيس الأمريكي وبسبب تفهمه للعراقيل التي يضعها المعارضون أمام أي تفهم وتقارب مع الدول الإسلامية، يجري تحولات متدرجة، واضعاً بصمته الفكرية والشخصية على السياسة الخارجية الأمريكية، خاصة في مراجعة إجراءات التعامل ولغة التخاطب مع المسلمين دولاً وأفراداً، والمصطلحات التي تتداولها الدوائر الرسمية الأمريكية. إذ طلب الرئيس أوباما حذف مصطلحات مثل «الإرهاب الإسلامي» من وثائق الأمن القومي الأمريكي، كدلالة على أن إدارته والولايات المتحدة الأمريكية لا تنظر إلى المسلمين من «منظار الإرهاب».
أيضاً تنوي إدارة الرئيس أوباما المضي قدماً في إدخال تعديلات جوهرية وحذف بعض المصطلحات ذات المضامين والدلالة السلبية التي تصم المسلمين بالإرهاب في الوثيقة الرئيسة التي تحدد الخطوط العريضة لإستراتيجية الأمن القومي الأمريكي.
مراجعة الرئيس أوباما لوثائق الأمن القومي الأمريكي والتي تكشف التحيز المطلق الذي كانت الإدارات الأمريكية السابقة تنظر به وتتعامل بموجبه مع الدول الإسلامية، إذ تظهر تلك الوثائق بأن الولايات المتحدة الأمريكية في إدارة بوش الابن بالذات تنظر إلى الدول الإسلامية من منظور الإرهاب ومكافحة الإرهاب فقط. ولهذا فقد كانت الوثائق الأمريكية تحفل وتمتلئ بعبارات «التطرف الإسلامي» و»الجهاد»، وهو ما أمر الرئيس أوباما بحذفه من الوثائق والخطابات والرسائل المتبادلة بين دوائر أجهزة الأمن القومي والدوائر الخارجية.
الآن المسؤولون الأمنيون والإستراتيجيون ومستشارو الرئيس أوباما منهمكون في إجراء التعديلات وإعادة صياغة تلك العبارات التي كانت تشخص الدول الإسلامية، بل وحتى الفكر الإسلامي كعدو يجب محاربته والتخلص منه. إذ كانت إدارة الرئيس السابق جورج بوش الابن قد اعتبرت قتال التطرف الإسلامي هو أبرز صراع أيديولوجي في بداية القرن الحادي والعشرين وأن الدول الإسلامية تتبنى هذا الفكر المتشدد، وأن هدفها هو القضاء على هذا العدو الذي عملت آلتها الإعلامية على جعله عدواً بديلاً عن إمبراطورية الشر التي كان الرئيس ريجان يعدها هدفه الإستراتيجي الذي يجب القضاء عليه.
* * *