للحروب مآس، وتُلحق أضرارا شتى حتى بالأطراف غير المتداخلة في الحرب، وتخلف دماراً وظلماً لا يعالجان، ولا يُصلح منهما إلا القليل.
ولعل أبشع ما تخلفه الحروب التي تخوضها الجيوش الأمريكية في منطقتنا الإسلامية هو ما فرضته أمريكا من اشتراط وحماية لضباطها وجنودها، وإسقاط أي مساءلة قانونية أو أخلاقية من خلال صياغة مادة قانونية تحت بند يطلق عليه اسم (حصانة المعركة).
هذا البند الذي أُضيف للقانون الأمريكي أطلق يد الأمريكيين لارتكاب مزيد من القتل حتى في صفوف المدنيين في المعارك التي يخوضونها في العراق وأفغانستان؛ فالقانون الأمريكي - بحسب المادة التي أُضيفت للقانون الأمريكي بعد توسع أمريكا في الحروب الخارجية - ينص على أن أي ضرر قد يلحقه جنود أمريكيون بسكان بلد أجنبي خلال المعارك لا يعوَّض بالضرورة حتى وإن كان الضحايا غير متورطين بأي شكل من الأشكال في المعركة!!
طبعاً لا يمكن محاسبة تلك القوات التي قد تفرض عليها طبيعة المعركة تدمير منازل وقتل عوائل تقيم في تلك المنازل لا علاقة لها بالطرف الذي يقاتل أو يقاتلهم الأمريكيون، إلا أن مسرح المعركة يشمل منازل هؤلاء الأبرياء، الذين يذهبون ضحايا تلك المعركة، والذين لا ذنب لهم ولا علاقة لهم بطرفَيْ المعركة.
هذه المادة أطلقت يد القوات المسلحة الأمريكية، وجعلت قادة هذه القوات غير مبالين بوقوع وسقوط ضحايا أبرياء، ولا يهتمون بارتفاع أرقام الضحايا، وغير حذرين، ولا يهتمون بتجنيب المدنيين ويلات الحرب؛ فتضرر الكثيرون الذين تقدم نزر قليل منهم للحصول على تعويضات وفق القانون الأمريكي الذي يمنح (منحة شفقة) لأسر الضحايا بقيمة 3500 دولار.
هذه الشفقة رغم قلتها فهي تمنح ثلاثة آلاف وخمسمائة دولار.. وهو أقل من ثمن سيارة مستعملة حُرم منها أسر الضحايا؛ لأن القانون يعطي القتلة (حصانة) في المعارك التي يخوضها الجنود خارج أمريكا، وعليهم أن يموتوا بلا ثمن؛ لأن الذين قتلهم أمريكيون..!!
***