Al Jazirah NewsPaper Thursday  11/03/2010 G Issue 13678
الخميس 25 ربيع الأول 1431   العدد  13678
 

أوتار
قيمة الإنسان
د. موسى بن عيسى العويس

 

الإنسان أعظم مخلوق في هذا الكون بعد السموات السبع والأراضين، وهو أكرمها عند الله، وأكثرها شرفاً، وأسماها منزلة، وأجلّها قدراً، ويبقى التحدي الأكبر، والسؤال الملازم دائماً لنا، كيف يستثمر هذه الصفات، ويوجّه هذه الطاقات، ويستفيد من هذه القدرات؟ بما يعمر دنياه، وينفعه في أخراه، بوصف هذا المخلوق الضعيف في شكله، القوي في عزمه، تحمّل الأمانة، وهي ثقيلة عليه، وبعد أن أعيت غيره من المخلوقات العظيمة، فتفرّد بها الإنسان لظلمه وجهله وغروره بنفسه:

وتزعمُ أنّكَ جرمٌ صغيرٌ

وفيك انطوى العالم الأكبر

- عمر الإنسان سنوات خاطفة، قلّ من البشر من يستشعر قيمته، ويستدرك على نفسه ما فات من تفريط في المشاركة ببناء هذا الكون، والتعامل مع الإنسانية، بمختلف أشكالها، وأجناسها، وأعراقها، وكافة انتماءاتها.

- من تجاهل قيمته، وغابت عنه رسالته وأهدافه في هذه الحياة، واضطربت عليه الغايات، فلن يستطيع بأيّ حال من الأحوال تحقيق ذاته أمام الآخرين، أسرياً، واجتماعياً، وعالمياً. والإنسان لا يمكن تقييمه مادياّ فحسب، بل بما يحمل من أفكار، ومشاعر، وأحاسيس، وما يترجم، أو يقوم به من أفعال داخل وطنه، مضحياً بكل ما يملك من الغالي والنفيس.

- لا قيمة للإنسان تذكر ما لم يقدّر قيمة نظيره الإنسان، ويسعى إلى مؤازرته والتواصل معه بشتى الطرق والوسائل، وكسر العزلة التي اصطنعها الإنسان، عبر التاريخ لهدف، أو لآخر.

- ضغوط الحياة، وما يحيط بها من أزمات وكوارث، وما يدور بها من خلافات واختلافات بلا شك من أقوى العوامل التي قد تكون مؤثرة من استشعار الإنسان لوجوده، ولأثره الفاعل، أو المبتغى منه، وهو يشاطر غيره همّ هذه الحياة العريضة، ويزاحمهم على مناكبها، بل ربما غاب عنه الغاية التي خُلق من أجلها، واستُخلف بسببها دون غيره، رُغم أحقيتهم بها، والمطالبة بها. وأيّ قيمة للإنسان، حين تطوى حياته، وترفع صحائفه، دون أن يكون له أدنى ذكر، أو عمل يتركه بين أقرانه من البشر، يشكرونه عليه ويذكرونه حين يتناسى غيره التاريخ.

- قد يكون من المسلّم به، أن ما نعيشه من تقدم، وحضارة، ونهضة، هي بلا شك سلسلة من تفاعل أفراد قلائل عبر الأزمان، تباينت أجناسهم وأعراقهم، وأدركوا قيمتهم في الوجود، فكان ذلك الانعكاس الإيجابي المؤثر على مسيرة الإنسان في التاريخ المعاصر. وما ينعم به من رفاهية بصورة غير مسبوقة، ومثل ذلك الازدهار جدير بأن تلتفت المؤسسات الاجتماعية، والتربوية، والتعليمية التي أوكل إليها غرس هذه القيم العظيمة في وجدان الناشئة، وندبوا إلى تعهّدها، ورعايتها بين حينٍ وآخر، بكل ما يملكون من برامج، ومناشط، وأساليب عملية.

- من المؤكد أنّ هناك فئات كثيرة غيّبت عنها مفاهيم الحياة، وأهمية أن يلعبوا أدوارهم فيها، فانطوت على نفسها، وآثرت العزلة في زوايا الحياة وأركانها، دون إرادة منهم، فمن المسؤول الأول عن هذا الغياب يا ترى؟ سؤال جدير بالالتفات إليه من المهتمين بتطوير الذات، أو القدرات، وما أكثر من يدّعونه، أو يصطنعونه!!. أ.هـ

dr_alawees@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد