Al Jazirah NewsPaper Thursday  21/01/2010 G Issue 13629
الخميس 06 صفر 1431   العدد  13629
 
نوافذ
هل هناك فعل ثقافي محلي..؟
أميمة الخميس

 

تنمو الآداب والفنون بل جميع النتاج الثقافي في محيطنا على ضفاف الوقت وفي المتنحي والهامشي من أنشطتنا، يقلص هذا الحضور غياب الوعي الشمولي بدورها وانعكاساتها الإيجابية, فما زال المثقف لدينا يراوح في المخيال الجمعي في حيز شاعر القبيلة أو البلاط.. وجميعها تجعل منه صانعاً لثقافة مهادنة مسوغة لمحيطها، وبالتالي تتحول حمولته المعرفية إلى ماء يصب في أواني السلطة المستطرقة تشكله وفق مصالحها، فلا يسعى إلى استثمار مخزونه الفكري ووعيه المعرفي لتوظيفه بشكل يسهم في استنبات وعي نهضوي تنويري يتصل بالقيم الجمالية والحريات والمضامين الإنسانية للنشاط البشري.

مواقع الفنون والآداب الهامشية على الأطراف جعلتها عاجزة عن اقتحام القلاع التي تسهم في تكوين وبناء الوعي سواء المؤسسات التربوية أو الأكاديمية حتى المؤسسات الدينية ما برحت توقف موقفاً رافضاً مستريباً منها.

فإذا أضفنا إلى هذا ثقافة استهلاكية عالمية تكتسح العالم وتروج لثقافة السلعة والهشاشة القابلة للاستعمال مرة واحدة، والتي عبر منافذ بصرية متعددة تجعل من المضمون الرقمي ثقافة تستهدف الغرائز وتحفزها وتتقهقر بها درجات في سلم الصعود والرقي الإنساني.

فنجد من خلال ما سبق وتدريجياً يغدو المثقف مطوقاً وعاجزاً عن الحراك الفاعل والذي يحتم عليه تحفيز الوعي الإنساني باتجاه الطاقات الجمالية في محيطه، أيضاً تطوير الذائقة الجمالية، التي بدورها تغني الفكر وتحشده بالقيم العليا، وتجليات النفس البشرية القادرة على تجاوز النفعي البسيط المرتبط بعمل الوظائف الحيوية والدوافع الغرائزية، إلى منازل النفس البشرية الخلاقة التي تنعتق من إسار دونيتها لتحلق في ملكوت القيم السامية.

الآداب والفنون توزن بين ثنائية العقل والإحساس لدى البشر، يقول الفيلسوف كانط (ليس الجمال في تصور شيء جميل بل في التصور الجميل لشيء ما).‏

وعكست هذا المأزق الزميلة المورقة لمياء باعشن في مقالها بالملحق الثقافي ل(الجزيرة) الأسبوع الماضي فكتبت (لنعترف بأن تقاليدنا الاجتماعية لا تحترم الثقافة كقيمة حضارية وإنسانية عليا ولا تحترم ما تنتجه من قيم المعرفة والجمال والتنوير، تقبع الثقافة عندنا في الهامش يتربص بها المتربصون ويدفعون بها خارج الهامش، خوفاً من تأثيرها المفسد)، وهذا بالتأكيد انطباع يعكس مخرجات تجربة ثرية وعميقة لدى لمياء داخل المؤسسة الثقافية.

وأخيراً عندما يسوؤنا تفشي الفساد في بعض المؤسسات الحكومية، وتقلص الأسلوب الحضاري في استعمال المرافق العامة، وفي معاملة الوافدين أو المختلفين، وعندما تحزننا سلوكيات الشباب, وعندما ترعبنا هشاشة الوعي لديهم، جميع هذا مؤشر على مأزق حقيقي يعكس قصوراً في الوعي ناتجاً عن غياب دور منتجات الآداب والفنون بطاقاتها الخلاقة المستحثة للقيم العليا في أعماق البشر، سواء على مستوى الفئات المتلقية للمنتج أو المؤسسات المصنعة له. جميع هذا يستدعي بل يحتم وجود برامج مكثفة تنهض بها المؤسسات الثقافية وجمعيات الفنون إلى جانب المؤسسات التربوية والجامعات والمؤسسات الأكاديمية فالإنسان المستهدف هو أهم عوامل القوة الذاتية في أي مشروع حضاري.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد