Al Jazirah NewsPaper Sunday  10/01/2010 G Issue 13618
الأحد 24 محرم 1431   العدد  13618
 
التطرف... الفعل وردة الفعل!

 

التسامح والسلام لغة الأديان، والمتدينون حقاً وفي كل دين هم الأكثر قدرة على احتواء الآخرين وإدراك المصالح الإنسانية المشتركة التي قد تذوب في خضم طحن الآلات والتقانة اليومي. والعالم اليوم وهو يسعى لتأسيس مجتمع دولي ينعم بالسلام بعد الحادي عشر من سبتمبر وما جره على الكرة الأرضية من إفرازات وانقسامات، يدرك أن صناعة السلام والأمن تبنى على توسيع دائرة التفاهم والحوار، لا على الانغلاق والفتور. والمحاولة الفاشلة التي أقدم فيها مهاجر صومالي على قتل رسام الكاريكاتير الدنماركي مؤخراً لا يمكن لأحد أن يبررها وفق أي دين أو عرف، لكن ردة فعل الصحيفة النرويجية الجمعة الماضي بإعادة نشر العديد من الصور الكاريكاتورية المسيئة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد أسبوع من تلك المحاولة لا يمكن قراءتها أبعد من سياق الإصرار على استفزاز أكثر من مليار مسلم بل واستفزاز الكثير من العقلاء من غير المسلمين والذين يعنيهم احترام مقدسات الأديان وتعزيز دائرة الحوار والتفاهم المشترك.

الخطوة التي أقدمت عليها الصحيفة النرويجية توضح حجم الشرخ في جدار العلاقات الثقافية والحضارية بين الشعوب في زمن بات صناع الحروب فيه أكثر من صناع السلام، كما أنها تكشف عن ضيق الدائرة المغلقة للفعل وردة الفعل في العلاقة بين الشعوب والحضارات، والبحث عن مخرج في خضم هذا الصراع المتجدد الذي يسعى المتطرفون في الجانبين إلى تأجيجه لضمان بقائهم. يتطلب وعياً أكبر من المؤسسات الثقافية الدولية للتفاعل بشكل أكبر في محاصرة التطرف وتعرية أهله أمام المجتمعات لتأسيس أجيال تملك الحصانة ضد منظومة التطرف الدائرية التي يجر فيها الفعل ردة الفعل دون وعي بالنتائج والعواقب، وفي الغرب خصوصاً حيث تنشط الأسئلة حول مراجعات صناعة السلام العالمي تصبح مطالبة هذه المؤسسات بعدم تجاهل مثل هذا الواقع ودراسته وتأسيس برامج تحد من استشرائه مهمة تصل لدرجة الأولوية بدل التركيز على منظومة القيم في العالم الثالث وخلل قدرتها على إنتاج حلول التفاهم المشترك. فالتفاهم يبنى على إصلاح واقع الحال في الطرفين لتأسيس أرضية التفاهم والتعاون بينهما.

***






 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد