لا يختلف اثنان على أن الإسلام هو دين العلم ويكفي أن أول أمر نزل من الله سبحانه وتعالى إلى رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم هو (اقرأ) يقول الله عزَّ وجلَّ:? اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5)? صدق الله العظيم الذي
جعل العلم امتيازا لأبي البشر آدم (عليه السلام) على ملائكته...
جاء في الأثر (اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد) وجاء أيضاً (الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق الناس بها) وإذن فالعلم يكاد يكون فرضا على المؤمنين فما العمل مع علم الجينات والفلك والذرّة والكيمياء والفضاء وإلى آخره؟ كلها علوم وصل فيها علماء الغرب والشرق سلطانا لا ينتهي، وما كان لهم ذلك لو لم يتأملوا خارج المألوف ويتخطوا محاذير الخوف ورهبة الغيبيات...
علماء الشرق والغرب فيهم المسلمون أيضاً لكنهم خرجوا من بيئة الجمود والقيود واستطاعوا الإبداع والخروج بالبشرية إلى فتوحات علمية مذهلة كنا نحن في بلاد الإسلام أحق بها وأكثر أمنا عليها لولا إننا اخترنا أن نكون متلقين مهابة وخشية من تماس المحذور وما كان محذورا لو إننا أتحنا لعقولنا أن تنطلق في خيالها البحثي ولم نسقف العقول تحت قواعد وضوابط لم تستخدم بشكل علمي ومتفهم للعصر وقادر على التنبؤ بمستجدات المستقبل بل البس الإرث الثقافي بالكشف العلمي وحشرت العادات والتقاليد كدعائم لهذه الضوابط مما جعل امّة الإسلام تعاني اليوم من انكشاف وهوان بين الأمم حتى صارت حقوقها بما فيها المقدسة مثل القدس والمسجد الأقصى منهوبة، وقبل ذلك الروح المسلمة التي تزهق بغير حق دون أن يكون لنا حتى حق السؤال لماذا؟
إننا فعلا في حاجة ماسة لمساحة خالية من الخشية ورهبة المعرفة القافزة على المألوف والدخول بعقول مؤمنة واثقة إلى منصّات البحوث والتجارب العلمية دون محذورات ومحظورات على التفاصيل استنادا على تلك القواعد التي ربما كانت في حاجة إلى تعمق وتوسع أكبر في فهم الواقع وتخيل المستقبل...
لابد من التقدم إلى الأمام بخطى ثابتة واثقة مؤمنة إذا أردنا أن نخرج من ميدان التلقي وردود الأفعال إلى ميادين القيادة وفي عصر العلم فإن الاجتهاد العلمي ربما كان مقدما على غيره طالما انه ميدان الصراع في هذا العصر وإذا كانت الحاجة والاضطرار لابد لها من نفاذ حتى المستحيل وإلا آلت إلى عجز وخنوع فلنتكل على الله ونستنفر العقول.
HASSAN-ALYEMNI@HOTMAIL.COM