إذا كان الخلل في مرورنا أفقدنا آلاف الأرواح سنوياً، فإن الخلل في تعليمنا عطّل عقول أجيال انتظرناهم طويلاً. كل مؤشراتنا التعليمية (ضعف مهارات المخرجات) وكل مؤشراتنا المرورية (إزهاق الأرواح وتجاوز النظام) التي ظهرت تؤكد أننا لسنا حتى قريبين من الحل الحاسم. أعتقد أن كلاً من الخلل في التعليم والخلل في المرور أصبح اليوم خللاً بنيوياً متجذراً ومتحصناً خلف ثقافة متواضعة ومتمترس وراء سلوكيات وطقوس إدارية متخلفة طال أمدها مما جعل من عملية الوصول إلى الخلل وإصلاحه عملية بالغة التعقيد.
إن الخلل المروري والخلل التعليمي في بلادنا لن يصلحه رحيل قيادي ومجيء قيادي جديد، على الرغم من الجهود الخرافية التي تبذلها كل قيادة، ولن يعالجه النقد الإعلامي وبذل الأموال فقط، على الرغم من تعاظم مساحة النقد وعلى الرغم من وفرة المال.
خللنا التعليمي والمروري استعصى على كل الحلول نتيجة لتراكم سنوات طويلة من تدني قيم العمل والعمل الفردي غير المؤسسي وغياب المساءلة المهنية، لا حل عندئذ سوى أن تتكامل وتتآزر جهود الإصلاح وفق رؤية إصلاحية وطنية شاملة تحظى بدعم سياسي. الحلول الجزئية التسكينية التي يجربها أي قطاع منفرداً لن تعالج خلل تجذر وتحصن، ولهذا السبب سيطول أمد مشكلنا التعليمي ومشكلنا المروري.