Al Jazirah NewsPaper Wednesday  28/10/2009 G Issue 13544
الاربعاء 09 ذو القعدة 1430   العدد  13544
بلا تردد
تسليع الثقافة أو تثقيف السلعة
هدى بنت فهد المعجل

 

(الثقافة زاد العقل) جملة مكرورة، مملة مستبعدة عن ذهن من يرى أن الزاد زاد المعدة ولا زاد يعنيه سواه، بدليل اتساع نطاق المطاعم الشعبية أو العالمية ومطاعم الفاست فود ومحال التسوق الغذائي أو البوفيهات اتساعاً يشعرنا بنكسة صحية وشيكة وبتراجع فكري، وتأخر ذهني..!!

المعدة بيت الداء، والخطورة الآتية من المطاعم ومطاعم الفاست فود أقرت بها الجهات الصحية، وبأنها لا تقل ضرراً عن التدخين أو المعسل، وقد ركزت وزارة الصحة أو البلدية على تطهير المنطقة من مقاهيها ولم تول مطاعم الفاست فود حفنة اهتمام.. قيل المعدة بيت الداء ولم يقال الفكر بيت الداء! في حين نرى من يقنن غذاء الفكر أو يجيّره لصالح توجه دون آخر كمن يرى الفكر شرعي ديني فقط، وما سواه داء على ذهن الشخص.. ثم يشتكون من تأخرنا، قلّة العلماء لدينا، ندرة المخترعين، غياب العباقرة، تراجع الباحثين، في بيئة تقيد على الذهن (منذ الطفولة وفي المراحل الدراسية) أو على الفكر أو العقل حرية الحركة الغذائية لها!! فكيف بأمتنا النهوض بأقدام مقيّدة أو معاقة أو مكسورة أو مبتورة، وبأيدٍ وضعها كذلك..!!

شريعتنا التي نصر على أنها الزاد الفكري الوحيد المهم الذي نحتاجه أولت الثقافة اهتماما شديدا، حيث قدمت العلماء على العبّاد، ك حديث (يشفع يوم القيامة ثلاثة: الأنبياء ثم العلماء ثم الشهداء). (السنن الأربعة). وعن ابن عباس: خيّر سليمان بين العلم والمال والملك، فاختار العلم فأعطي المال والملك معه.. ذكره ابن عبد البر في كتاب العلم، وفي الكتاب نفسه قال عليه السلام: (أوحى الله إلى إبراهيم، يا إبراهيم، إني عليم أحب كل عليم). وعن بعض الحكماء: ليت شعري أي شيء أدرك من فاته العلم، وأي شيء فات من أدرك العلم. وعن الأحنف: كاد العلماء يكونون أرباباً. وكل عزّ لم يوطد بالعلم فإلى ذل ما يصير. وعن الزبيري: العلم ذكر فلا يحبه إلا ذكورة الرجال. وقال ابن الشخير: فضل العلم أحب إلي من فضل العبادة، وخير دينكم الورع. ولم تحاول تسليع الثقافة لصالح الثقافة الدينية وحدها، بدليل أن ما توصل إليه العلماء في مجال الإعجاز العلمي والعددي والبياني وغيره وجدوا له برهانا في القرآن الكريم.. بل إن الطب النفسي كثيراً ما يعتمد على المنهج القرآن والنبوي، ولدينا نموذج (مجلة النفس المطمئنة). وإذا تصفحنا مناهجنا من جيلنا إلى الجيل الحالي نكاد نجد علم النفس مغيّب أو هو مغيب بالفعل وربما يقدم على قلق وخوف وتوجس.. ولن أنسى الفلسفة التي لا يقر بها رجال الدين أبداً ربما لأننا تربينا وربينا على مبدأ: سمعنا وأطعنا، في حين أن ما نسمعه بحاسة السمع يتجه رأساً إلى العقل أو يرسل إليه وقد لا يؤيده ولا يقبل به أو لا يستوعبه فيدفعه إلى أن يناقش ويحاور ويجادل قاصداً فلسفة الأشياء التي سمعها وهو مما لا يسمح له به!! اسمع واطع ولا تجادل فأنا أكبر منك، أوعى منك، أكثر خبرة!! علم الفلسفة أجده علم تنشيط العقل والفكر والذاكرة وفي رفضه أو إسقاطه تعطيل للعقل، للفكر، للذاكرة.. علماً بأن هناك ما يعرف بالفلسفة الإسلامية!! وقد أنهينا مراحلنا الدراسية والجامعية وهاهم أبناؤنا على وشك الانتهاء ولم يع أينا شيئاً منها مستوى عدم وعينا ب علم النفس إلا ما أمكننا تمريره من كتب في زمن الحجر الفكري..!! الآن الحجر الفكري قلّ باتساع مساحة الحصول على المعلومة لكن لا قراء يغرفون من العمق.. أغلب القراء يلمسون السطح خشية ماذا!! لا نعلم!! لا بل نعلم.. وتلك مصيبة عظمى!





Happyleo2007@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد