Al Jazirah NewsPaper Monday  26/10/2009 G Issue 13542
الأثنين 07 ذو القعدة 1430   العدد  13542
عسكرية

 

اقتربت من سريره لتحثه على النهوض والمبادرة لأداء صلاة الفجر وقد ارتفعت أصوات المؤذنين وتداخلت بالنداء إليها.

وحين اقتربت من سريره كانت قد وطنت نفسها - كما تعودت - على رفع وتيرة النداء عليه.. ومشاغبته.. وعدم تركه يهنأ في نومه حتى تراه ينهض ويستيقظ ويغادر الفراش.

لكنها - هذه المرة - بمجرد ان نادت عليه بهدوء فوجئت به ينهض بسرعة ويقف شادا جسمه نافخا صدره وينتصب بكامل طوله وهو يصرخ: أمرك.. ويؤدي التحية العسكرية بكل قوة وحماس ونشاط.

ضربت بكفيها على أعلى صدرها هلعا وسمت بالله على نفسها وعليه.. تنبه إلى انه في غرفته في المنزل.. وان التي أمامه هي أمه.. وهم أن ينفجر بالضحك.. وكاد ان يعود إلى فراشه.. لكنه لم يفعل لأنه يعرف ان أمه لن تتركه يفعل ذلك.. اعتذر لها بأنه كان يظن نفسه في الكلية العسكرية التي يدرس بها.. وتمنى أن لا تكون أصيبت بالذعر مما فعل.

كادت أن تلطم خديها وهي تندب: ألا يكفي الكلية انها أخذتك منا.. وجعلتك هكذا (جلدا على عظم) وتحول لون النضارة في بشرتك إلى اللون الأسمر وفي كل مكان من جلدك.. تهيج.. أو تقرح.. أو تسميط.. وفي كل مفصل من مفاصلك ألم؟

ألا يكفي هذا حتى تلاحقك الكلية و(كوابيسها) إلى غرفة نومك في اليومين اللذين تفرج عنك فيهما؟

ادخل رجليه في النعل ووضع الفوطة على كتفه واتجه إلى الحمام وسمعته أمه - وهو يغالب النعاس - يقول: لكن الوظيفة (مضمونة) فور التخرج يا ماما.

ضربت بكفيها على بعضها وصرخت فيه: ولد!!! تناولت المخدة الصغيرة وقذفته بكل ما فيها من قوة بها.. وهمت بأن تلحق به لكنه تفادى المخدة وأسرع إلى الحمام وأغلق بابه واستغرق في الضحك وهو يسمعها وهي تردد: ماما! ماما!

ولم يرها وهي تنفض يديها وتقول بما يشبه الصراخ: فيه عسكري يقول لأمه (ماما)؟؟ولم يسمعها وهي تعود للجلوس وتضرب بكفيها على ركبتيها وتهز جسمها يمنة ويسرة وهي تنظر إلى صورة والده في آخر رتبة عسكرية عالية وصل إليها وقد أحيطت بالسواد إضافة إلى خط من السواد في الزاوية اليسرى من الصورة وتقول: فيه.. فيه عند عسكرية آخر زمن وعاودت النظر إلى الصورة.. ومزمزت وهي تضرب بكفيها على ركبتيها مرة أخرى وهي تقول: الله يرحم أيامك.. تعال وانظر إلى العسكرية كيف هي الآن.

منصور عبد الله العمرو





 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد