Al Jazirah NewsPaper Monday  26/10/2009 G Issue 13542
الأثنين 07 ذو القعدة 1430   العدد  13542
جماليات اللغة في البيان والتبيين للجاحظ

 

عرف الجاحظ بأنه مفكر خصب العقل، عميق التناول عبقري من عباقرة الفكر والأدب العربي، ولد في سنة (150هـ) ونشأ بالبصرة في وسط علمي حيث عاش أفذاذ العلماء والأدباء، وكان مشغوفاً بالقراءة محباً للكتب، وكان يستأجر دكاكين الوراقين ويبيت فيها ليلاً للنظر والقراءة.. لقد كان الجاحظ موسوعة علمية في كثرة معارفه ومؤلفاته ولقد أفرد لها ياقوت في معجمه فهرساً كاملاً لكتبه ومؤلفاته، ومن أشهرها البيان والتبيين، والحيوان، والبخلاء، وقد صور فيه البخل والبخلاء أصدق تصوير وأدقه وغيرها، وتعتبر دوائر معارف واسعة ولم يترك الجاحظ فناً من فنون القول إلا طرقه، ولا مجالاً من مجالات البحث إلا جال فيه وتحدث فيه.

أحصى له ابن النديم نيفاً وسبعين ومائة كتاب، وإن وقفة مع هذا الأديب العملاق تتطلب نظرة طويلة وواسعة ولقد تحدثت المصادر عنه كثيراً، وكتابه البيان والتبيين ذخيرة من ذخائر الأدب العربي.

يقول ابن العميد: كتب الجاحظ تعلم العقل أولاً والأدب ثانياً، ولقد عرف عن الجاحظ فكاهته ودعابته وما تبع ذلك أحياناً من تهكم وسخرية حيث برزت في كثير من مواقفه، يقول صاحب كتاب مروج الذهب المسعودي وكان إذا تخوف ملل القارئ وسآمة السامع خرج من جد إلى هزل ومن حكمة بليغة إلى نادرة طريفة.

ولقد أثر عنه كثير من النوادر التي وشح بها كتبه وجعلته أثيراً عند الخلفاء والوزراء، حدث عن بعض تلامذته قال: كان من تلاميذنا من يدعي (كيسان) كان يسمع غيرما يقال ويكتب غير ما يسمع، ويقرأ غير ما يكتب ويفهم غير ما يقرأ.

وحدث عن نفسه فقال: ما أخجلني أحد مثل امرأتين رأيت إحداهما بالعسكر وكانت طويلة، وكنت على الطعام فأردت أن أمازحها فقلت: انزلي كلي معنا، فقالت: اصعد أنت حتى ترى الدنيا.وما أكثر ما آثر عنه من ملح وفكاهات فقد وعى الجاحظ خصوصية الخطاب الساخر، والنظر من زوايا مختلفة وأبعاد فكرية وممارستها كرياضة فكرية هادفة.لقد كانت روح الدعابة تتجلى حينما يعمد إلى التهكم والسخرية ويبرز ذلك في رسالة الهزلية (التربيع والتدوير)، وكان يخرج من فن إلى فن ومن موضوع إلى موضوع، وكان يجول بالقارئ في رحلة سياحية ممتعة واستطراد بديع مما يبرز ثقافته واتساع معلوماته.لقد عد ابن خلدون كتابه البيان والتبيين واحداً من أربعة كتب جامعة هي، أدب الكاتب لابن قتيبة، والكامل للمبرد، والنوادر لأبي علي الثعالبي، والبيان والتبيين للجاحظ، وقد كان كتابه هذا كتاباً فريداً متميزاً في البلاغة والبيان، حيث تحدث فيه حديث الأديب المبدع.

عبد الله الحقيل



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد