يحلو لبعض الشعراء أن يدغدغ مخيلته ببعض الخواطر الشعرية إما لشيء رآه في غير مكانه كثوب جميل لبسه من لا يحسن التجمل بلبسه، أو أنه قرأ قصيدة مديح قيلت فيمن لا يستحق المديح، أو لتحسس عن جانب من جوانب الحياة التي قل توارد الخواطر عليه، فيطلق عنان الشعر فيما يحلو له ذكره، لكنه يقف عند ذكر اسم من ستكون فيه القصيدة، وربما لا يجد من يستحقها، فلا يسعه إلا أن يخاطب نفسه بها بعد ما يصفها بالعذراء التي هي أحق بها، أو بالجواد التي يكون فارساً لها، فهي من بنيّات فكره ومن حقها أن ترغب بنفسها عنه أو أن تكون له كهدية منه وله.
|
وفي مثل هذا يتحفنا بعض الشعراء بطريف مواقفهم في عشقهم لبعض قصائدهم التي تتمخض عن إعلانهم باختصاصهم بها لكونها لم تجد من يغليها ويعرف قيمتها سواه.
|
وممن طرقوا مثل هذا الموضوع الأدبي الذي يستمتع بما قيل فيه، الشاعر المبدع صاحب المطولات الجميلة التي طرق بها كل فن من فنون الحياة الاجتماعية، فأشبهت بالمعلقات التي لا تعوزها فصاحة وجمال مفردات، إنه الشاعر المعاصر الدكتور عبدالرحمن العشماوي الذي قال وأجاد في أبيات بها دلالة على ما أسلفت، حتى وإن قيل المعنى في بطن الشاعر، لكنني أحمل معناها على أنه كان له عذراء يتنعم بشذا عطرها ويستمتع بطيب رائحتها، أقول هذا بحسب ما فهمته من آخر بيت من أبيات قصيدة له، وهو:
|
ولو أن حبراً من شذا الورد يقتني |
لكان الشذا لي حين أكتبك حبرا |
وقد أتحفتنا جريدة «الجزيرة» بنشر الأبيات في عددها 12869 يوم الأحد ذي الحجة عام 1428هـ.
|
|