..أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا)؟! (الكهف: 37)، وهو يحاوره بالوعظ والدعاء إلى الإيمان بالله وبالبعث والتطهّر من الشرك والتشرّف بالإيمان والتوحيد، وخلع جلابيب الكبر والطغيان والظلم والافتئات على الله سبحانه، قال المفسّرون إن الآية الكريمة نزلت في العاص بن وائل المغتر بدنياه، وقيل غير ذلك.. ومع اختلاف الرواة في الشخصية المعنية ومكانها وزمانها فإن الحكمة واحدة والإرشاد والاستدلال واضح والنهج مستقيم بيّن من الآية وما ترمز إليه، خذ منها قوله تعالى: (وَهُوَ يُحَاوِرُهُ) وتدبّر معانيها ومغازيها وما تدعو إليه من المجادلة بالتي هي أحسن والتحاور في الأمور برفق ولين دون عنف وطغيان وتعال على الآخر وإقصائه بالرأي والتفرّد بالفكرة والمشروع الفكري، والدعوة إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة لا بالتكفير والزجر والشتم ثم التمترس والتفجير والقتل والاعتداء على الأنفس البريئة، والله سبحانه كلم بعض رسله تكليماً أي تحدث معهم وحاورهم جلَّ وعلا، وبعث رسله وأنبياءه داعين لتوحيده ولخير البشر بالقسط والعدل)...
(فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ) (من الآية 193 البقرة)، هكذا منهج رباني بلّّغه إلى رسله لهداية من يريد له الله سبحانه أن يهتدي (لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء).. الآية (البقرة 272), غير أن فئات أخذت على نفسها دعوة الناس إلى معتقداتهم وأفكارهم بالقوة والجبر حتى لو استدعى الأمر التدمير والقتل الجماعي، إنه التكبر والطغيان والانحراف عن جادة الحق والصواب، الحوار والدعوة بإحسان.