عندما تجتمع الأسرة حول التلفزيون، تنتاب أغلب البيوت حالةٌ من الحرج حينما يعرض أحد برامج الإفتاء، فتأتي الأسئلة المحرجة التي لا تراعي وضع الأسر. فمنهم الصغير الجاهل والكبير المدرك والمراهقون من البنين والبنات. وغالب تلك البرنامج تستدعي الإنصات وإرهاف السمع رغبةً من المرء في التعرّف على ما يجهله من أمور دينه والتزوّد من المعرفة والثقافة، أو تصحيح معلوماته، أو التعجب من بعض الأسئلة العادية التي يجهلها معظم المسلمين من أقاصي الدنيا فيحمد الله على نعمة وجوده في بلد مسلم يعرف فيه طالب المدرسة ما يقارب طالب العلم. إلا أن المحرج حقاً أن يتم طرح أسئلة دقيقة في أمور مخجلة على الشيخ المفتي فيُصاب الوالدان أو حتى الأبناء بالحرج، ويخجلون من سماع هذا السؤال بالذات، أو ما يتعلّق به من أمور خاصة جداً يمكن للسائل الاتصال على الشيخ بعد نهاية البرنامج فلا يكون على الهواء مباشرة، أو الاتصال على لجنة الإفتاء بسهولة ومهاتفة أحد المشايخ، حيث أصبح ذلك متوفراً. وأما الغريب فإلحاح السائل على طلب الإجابة حين يعمد بعض المشايخ للتلميح في الإجابة دون التصريح، فيبدأ السائل بتنويع السؤال والتفصيل فيه، والشرح، والمناقشة والاستزادة وكأنهما وحدهما! وقد يسترسل الشيخ بالإجابة ويعلِّلها ويستدل بالأحاديث الشريفة من باب التفقّه، ويذكر بعض الأمور ويتوسع فيها ويستعرض ثقافته الشرعية بدعوى أن لا حياء في الدين برغم أنه يمكن التفاهم مع السائل على طريقة مناسبة للإجابة بعيداً عن التلفزيون. والأغرب حين تسمع في برامج الفتاوى بث المشاعر العاطفية والإعجاب بشكل الشيخ وهيئته!
ويصبح من المخجل تغيير القناة، ومن المحرج الاستمرار بمشاهدتها، حيث لا تعلم ماذا سيفضي له السؤال. وتجد الدهشة في العيون والاستغراب في الوجوه. وقد يفاجئك أحد أطفالك بطلب تفسير معاني بعض الكلمات ومفهوم إحدى العبارات، ومغزى بعض المفردات، فلا تستطيع الترقيع لأن حولك أحد المراهقين يلهو بخطوط المقاعد المتوازية، أو إحدى المراهقات تشغل نفسها بقضم أظافرها بحجة أنها لم تسمع شيئاً مما يدور حولها أو تغادر المكان! أما أنت ففي ورطة الله أعلم بها، فلا تقدر على نهر الصغير من أبنائك الذي ما زال يلح بالسؤال بنفس إلحاح المتصل السائل في التلفزيون!
وقد يرى البعض أنه لا بأس في ذلك، ليتعلَّم الناشئة أمور دينهم! وهذا التعليل غير صائب، فربما من غير المناسب التعرّف عليها حالياً أو أنه لا يحسن الإسهاب بها وإلا لما استعان رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسيدة عائشة رضي الله عنها لشرح بعض المسائل المتعلِّقة بالنساء لإحدى الصحابيات رضي الله عنهن.
وهو رجاء للقائمين على تلك البرامج الشرعية بضرورة استخدام الدبلوماسية في تلقي الأسئلة الخاصة أو الرد عليها بأسلوب التورية، والحزم عند التمادي فيها حتى ولو بقطع الاتصال على وعد من الشيخ بالإجابة على الأسئلة الخاصة بعيداً عن التلفزيون، وليكن توجيه المشاهدين بذلك من خلال الشريط برفقة رسائل SMS. وليت الأمر يمتد إلى بعض الدعايات والإعلانات الخادشة للحياء. فما زال لحاء الحياء لدينا ينبض بالحياة.
rogaia143 @hotmail. Com
ص. ب260564 الرياض11342