Al Jazirah NewsPaper Tuesday  01/09/2009 G Issue 13487
الثلاثاء 11 رمضان 1430   العدد  13487
ممر
(الاغتيال).. سلاح النوايا الخبيثة!
ناصر صالح الصرامي

 

استعادة الصور والمعلومات المنشورة حول حجم الأسلحة والأموال والتقنيات التي كشفتها القوى الأمنية خلال السنوات الماضية، تعلن عن (الحرب)، الحرب على البلاد ونظامها؛ فحجم التسليح مرعب جداً، ولو أعد فيلم تسجيلي وثائقي عن حجم ما تم كشفه من أسلحة وخلايا وأموال فإن الصدمة ستعود إلينا بشكل أقوى لتهز ذاكرتنا القصيرة، ولتكشف كم نحن متساهلون أحياناً في إدراك حجم الخطر الإرهابي المحيط بنا، في مواجهة (حرب) مسلحة تزرع الرعب في كل المساحات.

ومحاولة اغتيال الأمير محمد بن نايف مساعد وزير الداخلية في مكتبه، والذي قال عنه أحد الدبلوماسيين الغربيين: (إنه رجل راق يؤمن بأن محاربة الإرهاب في المملكة تستدعي اتخاذ خطوات أبعد من الإجراءات الأمنية، وهو يستخدم تأثيره لمحاربة الإرهاب لدعم الإصلاح عبر طيف أوسع. وبالرغم من أنه ليس مسؤولاً عن الإصلاح التعليمي مثلاً، إلاّ أنه يمكنه التأثير فيه بسبب موقعه). محاولة اغتياله تجسد قمة ما وصل إليه الفكر الإرهابي الذي لن يتردد في عمل أي شيء بما فيها فكرة (الاغتيالات) الجديدة على واقعنا، لكن ماذا يعني ذلك؟ يعني أن الإرهاب لا يزال حياً، وهو حية جاهزة للدغ في أي وقت، وفي أقرب فرصة، وفي أي مكان، بشكل متوقع أو غير متوقع.

نحن أمام مرحلة خطرة بلغها الفكر الإرهابي المتطرف والمدافعون عنها أو المتعاطفون معه، حيث لم تعد الحكاية الآن حكاية نوايا طيبة أو تبريراً طيباً للنوايا، أو احتقاناً أو زيادة الاحتقان؛ فالحرب مع الإرهاب تحولت إلى المواجهة الشخصية للرموز السياسية والأمنية، ولنا أن نتصور النتائج لو نجحت العملية المشؤومة.

لم يعد مقبولاً أن نتحدث الآن عن الإرهاب والتطرف كفعل مستقل أو طارئ، دون الحديث عن الفكر الذي يؤدي إليه، والتبريرات التي تتيح له أرضاً حرة للحركة والنمو والتشعب والتسلل إلى مواقع مهمة، كما قنوات تمويله. وعلى الرغم من النجاحات الأمنية الكبيرة في المواجهة إلا أنه من المهم أن نعيد التفكير في الجوانب المتعلقة ببرامج التأهيل وإعادة التأهيل أو حتى أسلوب حسن الظن في المتشربين بأفكاره والمجندين أنفسهم له.

الأمر أشبه ما يكون بالتعامل مع السرطان؛ فهو يحتاج إلى اتخاذ خطوة صارمة لاستئصال الورم نفسه، إلا أنه يتطلب أيضاً علاجاً مستمراً لأسبابه، ولمنعه من العودة مرة أخرى.

ويبقى السؤال الذي طرحه محلل محايد: في سباقنا مع الأمنيات الطيبة للإصلاحيين، والنوايا السيئة والخبيثة للإرهابيين، هل بالإمكان أن يعجل بالأول، ويعطل الآخر؟

إلى لقاء..

* * *




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد