تدريب الموظفين سواء منهم من يعمل في القطاع الحكومي أو يعمل في القطاع الخاص والذي يعني تزويد الموظفين بخبرات ومهارات ومعلومات جديدة من أجل تطوير أدائهم يعتبر جزءاً من العمل، هكذا اعتبرته أنظمتنا الوظيفية....
وعبارة (جزءاً من العمل) تعني أن الموظف أثناء فترة التدريب طالت أم قصرت يتمتع بسائر حقوقه الوظيفية من إجازات وبدلات ورواتب وترقيات ونحو ذلك وكأنه على رأس عمله وأن ما يتلقاه أثناء التدريب يعد ضمن متطلبات العمل.
وهي نظرة ثاقبة من دون شك تدل على أهمية تدريب الموظفين وما ينتج عنه من مزايا وفوائد على العمل الوظيفي وعليهم شخصياً، فجهة العمل تستفيد من تدريب الموظفين في تحقيق أهم أهداف التدريب وهو تطوير أداء الموظف بما يتلقاه في التدريب من معلومات جديدة وآليات حديثه، وتمكين الجهة الإدارية من شغل وظائفها الإشرافية والمهمة بأشخاص صقلهم التدريب بما استجد في مجال العمل الوظيفي من أفكار تطويرية وإجراءات جديدة.أما الموظفين فيستفيدون من تدريب في زيادة حصيلتهم العلمية بما يتلقونه في أثناء التدريب من معلومات حديثة تتعلق بالعمل الوظيفي وإجراءاته وكيفية التعامل الراقي مع رؤسائهم وزملائهم ومراجعيهم، كما يستفيد الموظفون من التدريب في تحسين مراكزهم الوظيفية وزيادة دخولهم المادية من إجراءات الترقيات التي يحصلون عليها والتي يكون للتدريب دوراً فاعلاً فيها كما أن التدريب يجعلهم أكثر فاعلية وإنتاج في أعمالهم، ويؤدي التدريب أيضاً إلى استفادتهم من آليات التدريب يعوض الموظفين غير المؤهلين علمياً عن ذلك التأهيل.
وبسبب أهمية التدريب حرصت أنظمتنا الوظيفية على ضرورة تفرغ الموظف للتدريب في البرامج التدريبية التي تتطلب ذلك، كما حرصت على ألا يتكرر تدريب الموظف في موضوع واحد حرصاً منها على زيادة مساحة التطوير الذي يحصل عليه الموظف من التدريب ولإتاحة الفرصة لأكبر عدد ممكن من الموظفين للالتحاق بالتدريب.
وقد عرفت بلادنا تدريب الموظفين منذ سنة 1355هـ عندما أنشأت مدرسة تحضير البعثات لابتعاث موظفي الدولة للدراسة أو التدريب في الخارج إلى أن تم إنشاء معهد الإدارة العامة سنة 1380هـ، فقد تم تخصيص هذا المعهد للعناية بتدريب الموظفين وتطور أدائهم، كما أن نظام الموظفين لسنة 1391هـ قد أورد نصاً لأول مرة في الأنظمة الوظيفية بالمملكة يقضي بضرورة تدريب الموظفين مع اعتباره هذا التدريب جزءاً من العمل، كما أنه في نفس السنة صدرت أول تعليمات لتدريب الموظفين إلى أن صدرت سنة 1398هـ لائحة تدريب الموظفين المعمول بها حتى تاريخه، كما يأتي في إطار اهتمام بلادنا بتدريب الموظفين إنشاء لجنة إشرافية برئاسة معالي وزير الخدمة المدنية وعضوية ممثلين من عدد من الأجهزة الإدارية بالإضافة إلى معالي مدير معهد الإدارة العامة للعناية بتدريب الموظفين ورسم سياسته العامة، وقد دمجت هذه اللجنة مع لجنة ابتعاث الموظفين للدراسة في الخارج سنة 1408هـ برئاسة معالي وزير الخدمة المدنية حيث أصبحت لجنة واحدة تعرف (بلجنة التدريب والابتعاث) وتختص هذه اللجنة في مجال تدريب الموظفين بالإضافة إلى رسم سياسة التدريب الوظيفي العامة بالتنسيق بين مراكز تدريب الموظفين ومتابعة نشاطها وإعطاء المشورة لها ودراسة مدى استفادة الجهاز الحكومي منها، كما تقوم هذه اللجنة بالبت في قبول أو رفض طلبات الابتعاث للتدريب خارج المملكة، والموافقة على منح التدريب، كما تقوم هذه اللجنة بالنظر في تعويض الموظف المتدرب خارج المدينة التي يعمل فيها عن تذاكر الطيران التي يستحقها عند التدريب في داخل المملكة للمدة التي لا تزيد عن (90) يوماً أو عند التدريب خارج المملكة، كما تختص هذه اللجنة بالنظر في طلبات تطبيق القواعد التي تحكم الدراسة في البرامج الإعدادية على البرامج الطويلة الدراسية أو التدريبية المماثلة والتي تؤهل للحصول على درجة في الراتب أو مرتبة جديدة، وقد كان يصرف للموظف المتدرب بعض المزايا المادية وهي (30%) من الراتب لمن يتدرب داخل المدينة التي يوجد بها عمله و (100%) من الراتب لمن كان تدريبه خارج مقر عمله كما كانت فترة التدريب تحتسب لإكمال المدة اللازمة للترقية.
وقد تم إيقاف المزايا المادية وميزة احتساب مدة التدريب لإكمال مدة الترقية حتى يتحقق الهدف الأساسي من التدريب وهو زيادة معلومات الموظف في مجال العمل الإداري والوظيفي وبالتالي تطوير كفاءته وأدائه بحيث ينصب فكر الموظف على هذا الهدف فقط إلا أنه من ناحية أخرى فإن التدريب لا يزال يحتسب كأحد معايير الترقية حيث يحتسب عن كل شهر تدريب نقطة إذا كان التدريب يتعلق بصفة مباشرة بعمل الوظيفة المطلوب الترقية إليها، أما إذا كان التدريب لا يتعلق بعمل الوظيفة المطلوب الترقية إليها بصفة مباشرة فيحتسب عن كل شهر تدريب نصف نقط وإذا كانت مدة التدريب بالأيام فيعتبر كل عشرين يوماً بشهر تدريب. كما أن مكافأة التفوق ومقدارها نصف راتب شهر والتي تصرف لمن يحصل على تقدير ممتاز أو يكون الأول في مجموعته في أحد برامج التدريب في الداخل لا تزال سارية المفعول.وتدريب الموظفين ينبغي أن يكون فعالاً ومنتجاً وليس مجرد إجراء إداري فقط بأن يكون موضوع التدريب في إطار عمل الموظف، وأن تكون الوسائل المستخدمة في التدريب حديثة ومناسبة، وأن يكون المدرب مناسباً لمادة التدريب من حيث التأهيل والأسلوب والسمات اللازمة في هذا المجال بأن يتوفر لديه أسلوب عرض المادة المناسبة، وأن يتمتع بسمة الإصغاء للمتدربين، وأن يكون دقيق الملاحظة لما يدور في قاعة التدريب، وأن يحرص على استعمال حواسه كالسمع والبصر والتحرك في القاعة وأن يفعل المناقشة بينه وبين المتدربين وأن يقوم بتقديم مادة التدريب كاملة من غير إلغاء أو حذف وأن يلتزم بالتسلسل الموجود في المادة التدريبية.وبعد فإنه مما تقدم يتبين لنا أهمية تدريب الموظفين وأن يعتبر من الوقوعات الوظيفية المهمة بالنسبة للموظف وجهة عمله وهو الأمر الذي يتطلب من الجهات الإدارية الاهتمام به والحرص على اختيار البرامج المناسبة لمهام وأعمال الموظفين بحيث ينعكس ذلك بصفة إيجابية على تحقيق أهدافها، كما أن على الجهات الإدارية ومؤسسات الأعمال أن تحرص بأن يشمل التدريب أكبر عدد ممكن من موظفيها وموظفي الفروع التابعة لها وأن تضع خطة سنوية لذلك إذ يلاحظ أن بعض جهات الأعمال تركز على تدريب موظفي جهازها الرئيسي من دون أن يشمل ذلك موظفي فروعها في المناطق والمحافظات وهو أمر لا يخدم مصلحة العمل ولا يساعد على تحقيق الأهداف إضافة لما يسببه من إحباط للموظفين الذين لم يشملهم التدريب.
asunaidi@mcs.gov.sa