اعتراف وزير الأمن الوطني الأمريكي السابق توم ريدج بأنه خضع لضغوط من وزير العدل الاسبق اشكروفت ووزير الدفاع رامسفيلد، لرفع معدل الخطر قبيل انتخابات عام 2004م لأهداف سياسية، يكشف وجها جديدا سيذكره العالم للسياسة الأمريكية التي انتهجها المحافظون إبان حكم الرئيس بوش والتي ضربت مصداقية الولايات المتحدة الأمريكية ووضعتها في صورة ديكتاتور العالم. هذا الاعتراف حدد ملامح الحجم الحقيقي للإرهاب الذي واجهته الولايات المتحدة الأمريكية والعالم معها. ففزاعة الإرهاب التي طالما استعملتها مراكز المحافظين البحثية فقدت مصداقيتها في الداخل الأمريكي وتكشَّف حجم الوهم الذي دخل العالم دوامته. الجميع يدرك خطر الإرهاب وأهمية التعاون في مواجهته وخطورة التغاضي عن عملياته، لكن التعاطي الخاطئ والانتهازي في مواجهته يمكن ان يخلق فجوة حقيقية في الوعي الشعبي العالمي تنتج عنها مظاهر للعنصرية واقصاء الآخر تساهم في تغذية التناحر والتفرقة الإنسانية، وهو ما يقوض الجهود المخلصة والخيرة للقضاء على الإرهاب نفسه.
العالم أصبح يدرك اليوم حجم المبالغة التي انضوت عليها أكذوبة تنين الإرهاب الذي يحيط بكل شيء، وأصبح أكثر يقينا بأهمية التواصل الإنساني لمحاصرة المتعصبين وسفاكي الدماء من كل عرق ولون ودين. فالعزلة والانغلاق عن الآخر دائما ما تنتج الحذر والخوف، وفي أحيانا كثيرة تصل إلى العداء. وقد سعى المحافظون إلى عزل الأمريكيين عن العالم من خلال تبني الأحكام المسبقة والقناعات الواهية، ولم يتأثر وللأسف شعب أكثر مما تأثرت الشعوب العربية والإسلامية التي وجدت نفسها في قفص الاتهام نتيجة تصرف فئات يدرك المحافظون أنفسهم أنهم خارج السياق الاجتماعي الوسطي للأمة العربية والإسلامية. ورغم اشتداد الصراع الثقافي خلال الفترة التي أعقبت أحداث سبتمبر ورهان الكثيرين من أعداء العرب والمسلمين على تفجر الموقف في هذه المنطقة من العالم، إلا أن الواقع أثبت أن المتعصبين والمتشددين ليسوا سوى أقلية لا تحظى بالتأييد المجتمعي لها في الدول العربية والإسلامية، الأمر الذي يؤكد أن المحافظين قد خسروا رهانهم!