آية الله محمد يزدي نموذج للفقهاء الذين يمارسون السياسة، ومن كبار رجال الدين اليمينيين التقليديين، و ترأس السلطة القضائية، وعضو في مجلس خبراء القيادة، وفقهاء مجلس صيانة الدستور وعينه المرشد رئيساً لمجلس الحوزة الدينية بالرغم من أن المنصب بالتصويت.
يزدي يواصل انتقاده بشكل لاذع لهاشمي رفسنجاني حول ما قاله في الأزمة الانتخابية وإسلامية النظام بمبدأ الجمهورية وبالتالي ضرورة احترام أصوات الشعب، وهي تصريحات تشخص لواقع الفئتين المتنافستين على تشكيل نظام الحكم في إيران.
يرى يزدي أن مراجعة الفقهاء جامعي الشرائط -الذي ينظم العلاقة بين السلطات الثلاث- خلال فترة الغيبة للمهدي المنتظر من الفرائض، لأن الحكم في فترة الغيبة يجب أن يكون بيد هؤلاء الفقهاء الذين يحكمون الحياة بالنيابة عن المهدي المنتظر، ويصف المرشد وحده بجامع الشرائط.
ويرى يزدي كغيره من الفقهاء المعتقدين لهذه القراءة لنظرية ولاية الفقيه أن الولي الفقيه يقوم بإدارة شؤون المسلمين نيابة عن المهدي، فيما مجلس صيانة الدستور المعين من قبل المرشد الأعلى يتماشى مع الشرعية الإلهية للولي، والولي الفقية والمجلس أيدا أحمدي نجاد قبل وبعد الانتخابات الرئاسية.
ويعتقدون أن النظام الإسلامي في إيران لا يستمد شرعيته من أصوات الشعب، بل إنها شرعية الهيئة، لذا فإن صوت الشعب يمكن قبوله أو رفضه لأنه لا يصلح لمنح الشرعية. وبالتالي جواز أي ممارسة لفرض الشرعية.
لذا اعتبروا حديث رفسنجاني بشأن ضرورة تأييد الشعب للولي أو الحاكم حتى يتمكن من فرض ولايته مغالطة، أيده الشعب أم لم يؤيده.
ويقول يزدي: (هناك فرق في الحكم الإسلامي بين الشرعية والقبول الشعبي) فهذا الأمر- أي القبول الشعبي - (لا يمنح الشرعية للحكم).
الإصلاحيون يصرحون أن هذه النظرة ستؤدي إلى ذبح مبدأ جمهورية النظام على مسلخ إسلامتيه، حيث يشيرون إلى ما يتردد في أوساط المحافظين التقليديين حول (الحكومة الإسلامية) بدلاً عن (الجمهورية الإسلامية) التي أسسها الخميني.
ويعتبرون ما يحدث (انقلاب على الخمينية) التي ترى أن الحكم لا يقام إلا بموافقة الشعب عليه، حيث شارك الشعب الإيراني قبل إعلان (الجمهورية الإسلامية الإيرانية) في استفتاء شعبي ليمنح الشرعية للنظام الذي اقترحه الخميني، ولمنع تفرد الحكم في شخص الولي الفقيه، فيما يرى المحافظون أن الإصلاحيين يقومون بثورة مخملية مدعومة من الخارج.
ومهما يكن حجم الجدل والصراع الداخلي فكرياً وعقدياً، إلا أنه جماهيري زاحف ويكتسب زخمه من تراكمات ماضية شملت قمعاً لحريات الأقليات والأفراد والقانون، ويغذيه اليوم التردي الاقتصادي، ولا يتوقع له أن يتبخر دون آثار جانبية حادة.
إلى لقاء
* * *