Al Jazirah NewsPaper Sunday  26/07/2009 G Issue 13450
الأحد 04 شعبان 1430   العدد  13450

حقوق الجار
مهدي العبار العنزي

 

لقد عظم الإسلام حق الجار حتى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا زال جبريل يوصيني بالجار حتى ضننت أنه سيورثه وقال عليه الصلاة والسلام والذي نفس محمد بيده لا يؤمن عبد حتى يحب لجاره ما يحب لنفسه ومن المتعارف عليه أن الجار هو من جاورك سواء كان مسلماً أو كافر.

ومن سماحة الإسلام أن رسول البشرية صلى الله عليه وسلم كان له جار يهودي يضع القاذورات أمام باب الرسول الكريم وذات يوم لم يجد النبي هذه القاذورات فسأل عنه أي جاره اليهودي فأخبروه أنه مريض فذهب الهادي البشير لزيارته فهل هناك سماحة أفضل من سماحة الإسلام وهل هناك خلق أفضل من خلق محمد!!

وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه من حق الجار أن تبسط له مع معروفك وتكف عنه أذاك وقد تعوذ النبي داود عليه السلام من جار السوء عندما قال اللهم إني أعوذ بك من جار السوء؟

وحسن الجوار من النعم العظيمة والآلاء الكريمة وقد تحدث عن حقوق الجار الإسلام وحث على إكرام الجار وحفظه غائباً وكرامته شاهداً ولا يحق للجار أن يتتبع عورات جاره!

بالإضافة إلى هذا كله كانوا أبناء العرب القدامى يهتمون بالجار وإعطائه حقوقه ورفع الظلم عنه حتى في الجاهلية يقول الفارس والشاعر عنتره بن شداد العبسي:

واغض طرفي ما بدت لي جارتي

حتى يواري جارتي مثواها

وأصبحت مكانة الجار تمثل أهمية كبيرة في النفوس والحكماء والشعراء تحدثوا عن الجار وعن الجارة وأعطوها صفة الأخت أو الأم فالعرب الأصيلون يعتبرون جاراتهم مثل أمهاتهم يقول شاعر شعبي:

جاراتنا يا زيد مثل امهاتنا

الوالدات اللي رضعنا ديودها

والله ماراعيت شقٍ بثوبها

ولا أعجبن يازيد لمعة خدودها

كما أن شاعر شعبي قال عن الجار ومكانته

نرفى خماله رفيته العش بالغار

ونودع له النفس القويه ضعيفه

وقد اختلف الوضع في هذا الزمن زمن العولمة زمن الفضاء واختلال الكثير من المفاهيم وعدم التمسك بالكثير من القيم فأصبح الجار لا يعرف جاره أو على الأصح لا يريد التعرف عليه وأصبح التباعد هو السائد في زمن التقدم فلم يعد للجار ذلك الدور في حياة جيرانه وكأن هذا المجتمع يطبق نظرية (يا جاري أنت بدارك وأنا بداري).

وقد تناسوا كل ما ورد عن المصطفى وعن البلغاء وأصحاب الرأي. إن الإنسان عندما يتطرق إلى مثل هذه القضايا المهمة في حياتنا فهو يدرك أن عليه مسؤولية أمام الله للتذكير على أقل تقدير وقد شد انتباهي موقف لأحد أبناء هذا العصر والذي هجر عشيرته وجماعته واتجه إلى عشيرة أخرى.

فحاولت جماعته إعادته إليهم فكانت إجابته وبصورة كلها وضوح لا أعود لكم أبداً أنتم عندما ترددون الشعر تقولون:

منك يا جاره

ما عاد أنام الليل

أما هؤلاء فيقولون:

جاراتهم خواتهم بالمنامي

ولا لوحوا بعيونهم لو يغيبون

والجار الذي أكرمه الرسول وعلا مكانته حري بنا ونحن أحفاد أولئك الأخيار أن نلتزم بما أوصانا به سيد البشرية وأن نكون كما قال الشاعر:

كن ليناً للجار واحفظ حقه

كرماً ولاتك للمجاور عقربا

واحفظ امانته وكن عزاً له

ابداً وعما ساءه فتجبنا

والله الهادي إلى سواء السبيل.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد