Al Jazirah NewsPaper Thursday  16/07/2009 G Issue 13440
الخميس 23 رجب 1430   العدد  13440

الحبر الاخضر
ورحل العالم الرباني (ابن جبرين) رحمه الله
د. عثمان بن صالح العامر

 

من فضل الله على بني الإنسان أن حفظ لهم الذكر وأبقى فيهم في كل عصر ومصر علماء صالحين مصلحين يذودون عن حياض هذا الدين ويدفعون بالحجج والبراهين عدوان الحاقدين وسهام المفسدين مصداقاً لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين)، ولعظم الدور ولجسامة المهمة ولشدة التضحية ولصعوبة الرسالة كان العلماء ورثة الأنبياء، وخيار الأتقياء، هم في الأرض- كما يقول ابن قيم الجوزية - بمنزلة النجوم في السماء، بهم يهتدي الحيران في الظلماء، وحاجة الناس إليهم أعظم من حاجتهم إلى الطعام والشراب)، ولذا شاركت النملة الإنسان في الاستغفار لهم فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن العالم يستغفر له من في السموات والأرض حتى النملة في جحرها) بل (إن الله وملائكته يصلون على معلم الناس الخير) وموت العالم عٌد مصيبة على الأمة بأكملها وفقده رزية على المجتمع بأسره يعزي كل فيه الأخر،ذلك أن العلم يموت بموت حامليه، يقول عبد الله بن عمرو بن العاص سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رؤسا جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا)، وقال ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير قوله تعالى: (أولم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها) نقصها خرابها وخرابها بموت علمائها وفقهائها وأهل الخير منها) وكذا قال مجاهد، وفي هذا المعنى يقول أحمد بن غزال:

الأرض تحيا إذا ما عاش عالمها

متى يمت عالم منها يمت طرفا

كالأرض تحيا إذا ما الغيث حل بها

وإن أبى عاد في أكنافها التلفا

قبل عشر سنوات وعلى وجه التحديد يوم الخميس 27-1-1420هـ مات ابن باز رحمه الله إثر مرض ألم به، وفي يوم الأربعاء 15-10-1421هـ مات ابن عثيمين بعد معاناة مع المرض ومن بعده ابن غصون والغزالي والندوي وغيرهم كثير رحمهم الله جميعاً، وفي يوم الثلاثاء الماضي نعى لنا الديوان الملكي الشيخ عبد الله بن جبرين رحمه الله رحمة واسعة، لقد كان رحمه الله عالما ربانين ناصرا للسنة حريصا على الخير وهداية الناس، لقد انطفأ بوفاته رحمه الله سراج مضيء من فوانيس العلم والمعرفة بعد أن ظل سنوات يهدي الحائرين ويرشد التائهين ويذكر الغافلين، والواجب علينا في حقه (الصلاة عليه، والدعاء له والترحم، وذكر محاسنه الاستفادة من تراثه، والصبر على قضاء الله فتتابع موت العلماء مصيبة كبيرة للأمة الإسلامية ولكنه قدر الله ولا نقول إلا (إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجبرنا في مصيبتنا واخلفنا خيراً منها، لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده في كتاب وبأجل) فإذا جاء أجلهم لا يستاخرون ساعة ولا يستقدمون)

هي الأيام لا تبقي عزيزاً

وساعات السرور بها قليلة

إذا نشر الضياء عليك نجم

وأشرق فرتقب يوماً أفوله

رسالة عزاء لقادة بلدنا المعطاء، وللعلماء وطلبة العلم ولأهل وذوي الشيخ وعلى وجه الخصوص زوجته وأبنائه الذكور والإناث وكذا أخوته ولتلاميذه ومحبه

إني معزك لا أني على ثقة

من الحياة ولكن سنة الدين

فلا المعزا بباق بعد ميته

ولا المعزي ولو عاشا إلى حين

رحم الله ابن جبرين وأسكنه فسيح جناته وإنا لله وإنا إليه راجعون وإلى لقاء والسلام.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد