التجربة الاقتصادية السعودية مسيرة تستحق الإشادة، فليس من السهل لبلد حديث التجربة في ميدان التنمية بعمر الزمن - لم يكمل المائة عام على تأسيس وحدته - أن يتجاوز التحديات ويستثمر الإمكانات ليبني اقتصاداً قوياً ومتيناً ينتزع احترام العالم في فترة محدودة، والحديث الذي أدلى به وزير الخزانة الأمريكي تيموثي جايتنر في لقائه أمس الأول في غرفة جدة برجال الأعمال، وما تضمّنه من إشادة بالدور الاقتصادي الذي تلعبه المملكة لتحقيق الاستقرار المالي العالمي، يمثل شهادة يثبتها الواقع، بالمكانة الدولية التي اكتسبتها المملكة بين الاقتصاديات الكبرى، كما أنّ حديث الوزير عن الصوت السعودي القوي في بناء التعاون الدولي لتفادي الأزمات المستقبليه، يمثل أيضاً تأكيداً للثقة والاحترام والمكانة التي اكتسبها هذا الوطن في المحيط العالمي، نتيجة التزامه بتحقيق مصالحه الاقتصادية في إطار المصالح الاقتصادية العالمية المشتركة، وهي الرؤية الحكيمة التي تتبنّاها قيادة المملكة دون إفراط أو تفريط.
وإذا كان ذلك على مستوى العلاقات الدولية، فإنّ الإدارة الاقتصادية المحلية أيضاً كشفت في زمن الأزمات عن نهج علمي مدروس يبني الأحلام والتطلعات على أساس الإمكانات والانطلاق، من استثمار معطيات الواقع، إلى بناء المستقبل، بالاستناد إلى تنظيمات تحقق المصالح المشتركة لأطراف السوق، في إطار رقابي فعّال .. هذه التجربة الاقتصادية المميزة، جعلت المملكة اليوم عضواً بارزاً في مجموعة العشرين، كأحد ممثلي مراكز التأثير الاقتصادي العالمي، وجعلت الصوت السعودي صوتاً مسموعاً لتمثيل مصالح العالم وحمايتها من الانكسارات. واليوم بات العالم يدرك أكثر من أي وقت مضى، أنّ الانفراد برسم وتوجيه المصالح الاقتصادية العالمية من قِبل القوى التقليدية المسيطرة على حركة الاقتصاد والتجارة، أصبح عبئاً على التعاون الاقتصادي العالمي، وحاجزاً دون تحقيق الأهداف التنموية العالمية، والتي لا يمكن تحقيقها دون تمثيل عادل لقوى الاقتصاد ومراكزه، وقد أصبح العالم اليوم مؤمناً أنّ ثمة تجارب دولية خارج المناطق التقليدية للتأثير، تمتلك من التجربة والقدرة على المشاركة، الكثير الذي يخدم مصالح الاستقرار الاقتصادي العالمي الذي يصب في مصلحة الجميع.
***