Al Jazirah NewsPaper Sunday  24/05/2009 G Issue 13387
الأحد 29 جمادى الأول 1430   العدد  13387
تأثير المجتمع في تركيبة المرأة
د. عبدالله بن سعد العبيد

 

تلعب التنشئة الاجتماعية دوراً مهماً في تركيبة المرأة، ونحن إذ نتحدث عن المرأة هنا نتحدث عن المرأة الأم والمرأة الأخت والمرأة الزوجة، وما يمكن أن تمثله من حجم في المجتمع بغض النظر عن معارضي هذا المبدأ.

فالمرأة بهيئتها السابقة هي نصف المجتمع وأكثر قليلاً....

.... فهي من يتم الاعتماد عليه في تهيئة وتنشئة الجيل ومساعدة الزوج في تثبيت أركان المؤسسة الزوجية، وهي مقياس درجة استقرار المنزل المسكن النفسي لمن به.. فإن صلح إعدادها صلح إنتاجها بإذن الله وإن خاب تأهيلها فشلت مخرجاتها ولذا فهي بلا شك تلعب الدور الأعظم والأهم ضمن سلسة المؤسسات التي تتولى الاهتمام بالجيل.

إن إعداد المرأة علمياً لتصبح أماً أصبح ضرورة قصوى في ظل وجود الأدوات الباعثة على العبث الاجتماعي والأخلاقي وبالتالي الكفيلة بإخراج جيل مفكك لا يحمل قيمة ولا هوية.

يتطلب إعداد المرأة جهداً كبيراً لتعليمها مختلف أنواع الشخصيات وما يؤدي لها والكيفية التي ينبغي التعامل معها، فضلاً عن الأسلوب الذي ينبغي اتباعه للابتعاد عن ما يمكن أن يؤدي لخلق الشخصيات غير المحببة وما ينبغي اتباعه لخلق الشخصيات الإيجابية وتعزيزها وتقويتها.

أعلم يقيناً أن المرأة بفطرتها وما حباها الله سبحانه وتعالى من إمكانيات فطرية قادرة ربما على كشف تلك النوعيات المتعددة والمتفاوتة من الشخصيات والتي يعرفها علم النفس بأنها سلوك متأصل في نفس الفرد ناتج عن موروثه الجيني والتربوي يجعل من صاحبها مختلفاً عن الآخر في جميع ما يصدر عنه من أقوال وأفعال سواءً كانت علنية أم في الخفاء.

وهذا يؤكد حقيقة مفادها أن لكل فرد نصيباً من نوع الشخصية الأخرى، بمعنى أنه إذا توصل علم النفس لأكثر من نحو عشرين نوعاً من أشهر أنواع الشخصيات كالهستيرية والمسيطرة والفصامية والنرجسية وغيرها، فإن لكل فرد نصيباً من هذه الشخصيات ولو بمقدار يسير أو بعبارة أخرى، تنصهر تلك الشخصيات جميعها في تشكيل شخصية الفرد ولكن بمقدار مختلف.. فالشخصية السوية يكون لديها قدر من كل نوع من الشخصيات تلك، وقد يغلب نوع واحد ليميز صاحبه، كأن يكون معتدلاً أو سوياً لكنه يميل إلى النرجسية في بعض تصرفاته وهكذا.

وهناك استعداد جيني لدى الفرد لانتهاج سلوك معين في الحياة يتداخل ويترابط ويقوى مع أسلوب التربية في فترات مؤثرة في حياته كفترتي الطفولة والمراهقة فتتشكل ملامح شخصية الفرد بعد ذلك وتبدأ في الظهور بمظهرها التي ولدت عليه جينياً وسمحت البيئة المحيطة بها بتقويتها وتكريسها.

وإن كان الحال كذلك، فإن إعداد الأم وتزويدها بالأدوات اللازمة لكشف شخصية ابنها أو ابنتها لا يكفي، فكما ذكرت آنفاً، بأن المرأة قد حباها الله بفطرة ربما تكون قادرة من خلالها على معرفة نوع الشخصية في مرحلة مبكرة.

لكن ذلك لا يكفي إطلاقاً، فمعرفة نوعية شخصية الابن أو الابنة ربما تكون عامل هدم لا بناء إن لم تحسن الأم التعامل مع ذلك، بل ربما يؤثر معرفة الأم فقط بشخصية ابنها أو ابنتها -إن كانت غير سوية- في شخصية الأم ذاتها، بحيث أصبحت تعرف شخصية لابنها غير السوية وهي غير القادرة على فعل شيء أو لربما زاد ذلك من خلال تعاملها غير السليم في محاولة معالجة تلك الشخصية.

لذا كان لزاماً أن تتم توعية الأم وإعدادها بشكل علمي ليس فقط للتعرف على شخصية الابن أو الابنة بل وطرق ووسائل التعامل معها بشكل يضمن على الأقل حدود دنيا للتغيير والتصحيح وبالتالي زوال كثير من الظواهر السلبية التي بات مجتمعنا يشهدها مؤخراً، وكان أبطالها شباباً صغار السن من الجنسين ذوي شخصيات غير سوية.

أعتقد أنها مسؤولية المؤسسة التربوية التعليمية لدينا، أعتقد أنه لابد أن يتم التركيز على ذلك من خلال الأنشطة غير المنهجية التي تعقد في مدارسنا للجنسين، فيقيني أن نشاطاً في أساليب التعرف على الشخصيات السوية وغير السوية وطرق التعامل والتفاعل معها أهم بكثير من نشاط رياضي لا يحتاجه شبابنا، لأنهم يمارسونه خارج أسوار المدرسة، وأهم بكثير من نشاط المخيمات الصيفية والخياطة والمسابقات التي تعقد لبناتنا في المدارس لأنهن يمارسنه خارج أسوار تلك المدارس، وهو أي النشاط المراد يصب في إعداد الأم نفسياً وعقلياً للتعامل مع أجيال الغد.. ألا توافقونني الرأي؟.



dr.aobaid@gmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد