أعتقد أن المثل الشعبي القائل (تسمع بالمعيدي خيرا من أن تراه) ينطبق على الإخوة العسكريين تماما.
كنت حتى وقت قريب أعتقد أن العسكري هو أفضل العاملين من حيث المميزات المادية ولكن تكشف لي أنه الأسوأ.! أما كيف هو الأسوأ فذلك لأنه يعتمد على راتب ممتاز خلال عمله ولكنه سرعان ما يذهب جل هذا الراتب حال تقاعده الذي يأتيه (أقصد التقاعد) من حيث لا يشعر، فمن المعلوم أن تقاعد العسكري لا يخضع لسن معين وإنما يخضع لرتبته العسكرية، وهذه قصة يطول شرحها.
حديث المحبة اليوم يأتيكم بناء على رسالة من أحد الإخوة العسكريين وهو من الضباط الجامعيين الذين التحقوا بالسلك العسكري من دافع إيماني بأهمية خدمة هذا الوطن من خلال العمل في أهم مؤسسات الوطن وهي المؤسسة العسكرية، وإلا فهو خريج كلية الصيدلة مما يعني أنه ليس في حاجة للوظيفة التي كما يقال مضمونه.
يقول هذا الضابط الجامعي في رسالته إن مشكلتهم تتلخص في نقاط ثلاث هي:
الأولى: عدم احتساب الخدمة للضباط الجامعيين من تاريخ التحاقهم بالكليات الجامعية المدنية (ككلية الطب والهندسة والعلوم) بينما يتم احتسابها لزملائهم الضباط العسكريين من يوم دخولهم الكلية العسكرية (إضافة فترة دراسة طلاب الكليات العسكرية (ثلاث سنوات) لعدد سنوات الخدمة عند احتساب التقاعد) بينما لا يتم احتساب سنوات الدراسة الجامعية للضباط الجامعيين مما يترتب عليه تقاعدهم في سن مبكر، وكذلك الاعتماد في ترقيتهم (من رتب متقدمة من مقدم فأعلى) على الشاغر بغض النظر عن الحاجة إلى تخصص الضباط ومقدرته على مواصلة العطاء فيكون تقاعد الضباط الجامعيين في أعمار ما زالت مبكرة من 45 إلى 50 سنة وبعدد سنوات خدمة يتراوح من 22 إلى 24 سنة أي من 70 إلى 75 من الراتب الأساسي بدون البدلات. فيهوي راتبه عند التقاعد بنحو النصف حيث تلغى البدلات ومن ثم يعطى ثلث الراتب الأساسي وتتراوح هذه المرتبات من 7000 إلى 9000 ريال حسب رتبة التقاعد.
مع العلم بأن هناك الكثير من الوظائف العسكرية لا يمكن شغلها إلا بجامعيين متخصصين مثل الطب والصيدلة والهندسة وبقية الوظائف الفنية الصحية.
ثانياً: عدم صرف بدل تفرغ للضباط المعينين على تخصصات فنية مثل أخصائي المختبرات والأشعة والعلاج الطبيعي والهندسة الطبية وذلك أسوة بالضباط الأطباء والصيادلة، وهذا البدل تم إضافته وصرفه للكادر الفني من الزملاء الفنيين في الكادر الصحي الجديد، ولم يتم تعديل نظام خدمة الضباط ليواكب ويوافق ما تم تعديله في الكادر الصحي للمدنيين لإنصاف هؤلاء الفنيين الذين يؤدون نفس عدد الساعات المنصوص عليها في الكادر الصحي وذلك بزيادة أكثر من 3 ساعات يوميا عن زملائهم الضباط غير الفنيين وذلك بدون مقابل وهذا نتيجة إغفالهم من هذه المزايا في نظام خدمة الضباط.
ثالثا: احتساب راتب التقاعد على أساس الراتب الأساسي وذلك بحذف جميع البدلات التي يتقاضاها الضباط أو صف الضباط مما يجعل راتبهم التقاعدي يهوي إلى النصف وأكثر وهو بعد التقاعد أحوج ما يكون لأي زيادة، وذلك لأنه في مثل هذه المرحلة تتضاعف مسؤولياته، لذا فمن الواجب أن يكون احتساب التقاعد من البداية على أساس الراتب الكلي وليس الأساسي، ولهذا السبب أصبح التقاعد هاجسا مؤرقا لكل العسكريين لما يترتب عليه من نقص شديد في الراتب التقاعدي.
تلك هي معاناة هؤلاء الإخوة الذين لا يمكن لأي مؤسسة عسكرية الاستغناء عن خدماتهم فهم الأطباء والصيادلة وفنيو الأشعة والمختبرات وغير ذلك، فهل من نظرة عجلى لأوضاعهم؟ آمل ذلك.