Al Jazirah NewsPaper Sunday  05/04/2009 G Issue 13338
الأحد 09 ربيع الثاني 1430   العدد  13338
إسراااااااطين..؟!!
حمَّاد بن حامد السالمي

 

للمرة الحادية والعشرين، وفي قمة العرب الحادية والعشرين، تتصدر القضية الفلسطينية جدول مباحثات القادة العرب، فتأتي في مقدمة قراراتهم، وتتسبب في تباعدهم وفي تقاربهم أيضاً، فإلى متى تظل القضية الفلسطينية قضية فقط..؟

وإلى متى يظل الشعب الفلسطيني بلا وطن، ويظل الوطن الفلسطيني بلا شعب..؟

* كانت المملكة العربية السعودية - ملكاً وحكومة وشعباً - أول دولة عربية تقف إلى جانب الشعب الفلسطيني فعلاً لا قولاً، فعقب الزلزال الذي ضرب الأرض الفلسطينية سنة 1927م، وصل الدعم الاقتصادي السعودي إلى أهالي فلسطين، قبل أي دعم آخر من أي جهة أخرى.

* وفي كافة مراسلات ولقاءات الملك عبدالعزيز رحمه الله، مع القادة الكبار في العالم، وفي مقدمتهم الرئيس الأميركي روزفلت، ورئيس الوزراء البريطاني تشرشل، وآخرون، كان رحمه الله، ينفي أحقية اليهود في فلسطين، ويلفت زعماء العالم إلى عدالة قضية الشعب الفلسطيني، وينافح عن حقوقه في كافة المحافل الدولية والإقليمية، ويحذر من عواقب الاستيطان اليهودي في فلسطين. وفي عام 1945م، كتب جلالته إلى السيد عبدالرحمن عزام أمين الجامعة العربية، خلال اجتماع وزراء الخارجية العرب يقول له: (إن أهم واجب على مندوبي العرب، أن يجتمعوا على رأي واحد، قبل وصولهم إلى لندن، حتى يكوِّنوا جبهة واحدة صلبة، لأن المنفذ الوحيد لليهود، هو تفرقة العرب، واختلاف رأيهم).

* وعندما صدر قرار التقسيم الشهير، وأعلن على إثره عام 1948م، عن قيام الكيان الصهيوني في فلسطين، كانت المملكة في طليعة الدول العربية التي قاومت الوضع الجديد سلماً وحرباً، حتى كان الجيش السعودي في مقدمة الجيوش العربية التي دخلت فلسطين لتحريرها. وكان مشروع تقسيم فلسطين، في قرار رقم (181)، قد صدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 29 نوفمبر 1947م، وينص على: إنهاء الانتداب البريطاني على فلسطين، وتقسيم الأراضي الفلسطينية إلى ثلاثة كيانات هي: (دولة عربية على 45%، ودولة يهودية على (55%) من أراضي فلسطين - وضع القدس وبيت لحم تحت وصاية دولية)، فرفض العرب هذا القرار، ونشبت الحرب التي أدت إلى هزيمة الجيوش العربية، وتهجير الفلسطينيين.

* ثم كان رحمه الله، في طليعة حكام العرب الحكماء، فقد كان يلمس ويرى مزايدات عربية على القضية الفلسطينية من أكثر من عاصمة، فنصح القادة العرب وقتها، بأن يكفوا أيديهم عن أهل فلسطين، وأن يدعموهم بقوة، ويمدوهم بالمال والسلاح والخبراء، لأن أهل الأرض، هم الأقدر على تخليص أرضهم، إذا ما وجدوا الدعم الكافي من إخوانهم العرب، لكن العرب ظلوا على ما هم عليه، رفض كافة المبادرات، ورفع مختلف الشعارات، واستغلال القضية في حسابات داخلية لكل بلد على حدة. بالمقابل، انجر الفلسطينيون وراء الأصوات الشعاراتية العالية، حتى تفرقوا شيعاً، وذهبت ريحهم.

* ظلت المملكة على مواقفها الثابتة من هذه القضية المحورية، من زمن الملك عبدالعزيز وزمن الملك سعود رحمهما الله، حتى جاء دورها في تضميد الجراح العربية عقب نكسة 1967م في مؤتمر الخرطوم الشهير - مؤتمر اللاءات العربية - الذي جمع قطبي المعادلة السياسية في المنطقة وقتها، (فيصل بن عبدالعزيز وجمال عبدالناصر) رحمهما الله، ثم دورها المحوري في دعم حرب العبور عام 1973م، يوم استخدم الملك فيصل رحمه الله سلاح النفط، لمؤازرة سلاح المعركة في سيناء.

* وفي سنوات تلت، وفي عهد الملك خالد ثم الملك فهد رحمهما الله، كانت المملكة تعمل بكل قوة، لتوفير سبل دعم كبيرة للصمود ومجابهة العدوان والتوسع الإسرائيليين، فقد شهدت هذه السنوات، قيام الدولة الفلسطينية في عهد الرئيس ياسر عرفات، الذي وجد أن الأرض مقابل السلام، هو المخرج الوحيد من الأزمة، حتى توفاه الله.

* وفي خضم الكثير من التجاذبات الدولية والإقليمية، منذ قيام الكيان الإسرائيلي وعلى مدى خمسة عقود أو أكثر، تحولت القضية الفلسطينية إلى شبه سلعة تباع وتشترى في سوق المزايدات بين أقطاب عربية وأخرى غير عربية، فقد تناولتها جبهات يسارية ويمينية ودينية متطرفة، حتى جاءت مبادرة السلام العربية الشهيرة على يد الملك (عبد الله بن عبد العزيز)، في مؤتمر القمة العربية الرابعة عشر في بيروت عام 2002م. لقد وجد العرب في هذه المبادرة التي أقروها، بوابة منطقية ممكنة لسلام دائم مع إسرائيل، ينهي الصراع الذي أنهك المنطقة طيلة ثمانية عقود، على أساس انسحاب إسرائيل من الأراضي العربية والفلسطينية، والعودة إلى ما قبل 1967م، وكذلك التوصل لحل بشأن عودة اللاجئين الفلسطينيين، وقبول دولة فلسطينية مستقلة في الضفة والقطاع عاصمتها القدس.

* وكان من الزعماء العرب الذين تحلوا بالحكمة وبعد النظر في كيفية حل قضية فلسطين أوان ذاك، الملك الحسن الثاني رحمه الله، ثم الرئيس التونسي السابق الحبيب بورقيبة رحمه الله، الذي عرض مشروعه الشهير في 21 إبريل 1965م للتسوية بين العرب وإسرائيل، على أساس قرار التقسيم الأممي رقم (181) وفيه: (تعيد إسرائيل للعرب ثلث المساحة التي احتلتها منذ نشأتها لإنشاء دولة فلسطينية - عودة اللاجئين إلى دولتهم العربية - إقرار مصالحة عربية إسرائيلية)، لكن الرفض العربي أسقط المشروع، فاحتلت إسرائيل أراض عربية واسعة من مصر والأردن وسوريا، وضمتها إلى كل فلسطين التي أصبحت تحت سيطرتها، في حرب النكسة سنة 1967م، حيث أصبح العرب أمام وضع جديد، وهو المطالبة بتحرير الأراضي المحتلة من غير فلسطين، إلى جانب الأراضي الفلسطينية المحتلة.

* وبعد حرب العبور التي نفذها الجيش المصري عام 1973م، لم يكن أمام الرئيس السادات رحمه الله، إلا التعامل بالعقل والحكمة من أجل استرجاع سيناء والمدن المصرية في القناة والعقبة، فكانت مبادرته الشجاعة للسلام، التي أفرزت بعد ذلك اتفاق أوسلو للسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

* ماذا بعد..؟

* ما الذي يمكن أن يحدث في المستقبل، بعد هذه العقود المليئة بالعذاب والآلام والتشريد، على أرض فلسطين تحديداً..؟

* هناك من يقول بفكرة دخول عرب فلسطين مع الإسرائيليين في دولة فدرالية واحدة.. (عرَب وعبَر).. الذين يلتقون في جد واحد هو أبو الأنبياء (سيدنا إبراهيم عليه السلام)، ولو كان ذلك على طريقة الرئيس الليبي معمر القذافي، الذي قال بإمكانية قيام دولة واحدة على أرض فلسطين، تجمع بين العرب والإسرائيليين اسمها إسراطين)..!

* هناك حقائق في صلب هذا الصراع المرير، كثير منا في الوقت الحاضر ربما، لا يرغب في النظر إليها ولو من باب التفكير فقط. منها: أن الحرب لن تحسم الصراع، وأن الإسرائيليين لن يستطيعوا إفناء الشعب الفلسطيني ولا إخراجه من أرضه، وأن الفلسطينيين لن يستطيعوا إفناء الإسرائيليين ولا أن يرموا بهم في البحر، وأن العرب لن يدخلوا في حرب جديدة، وأن وجود كيانين فلسطينيين واحد في الضفة والآخر في غزة، وضع غير مقبول فلسطينياً، وأن قيام دولة فلسطينية بجوار إسرائيل ليس لها مقومات الدولة ذات السيادة، أمر مستحيل، وأن بقاء حالة اللا حرب واللا سلم، أمر خطير ومستحيل أيضاً، فليس هناك إذن، سوى خيار السلام على البنود التي طرحتها مبادرة السلام العربية، أو قيام دولة عربية عبرية واحدة، يستفيد العرب الفلسطينيون فيها من الحياة السياسية الديمقراطية في إسرائيل إن أمكن، ليصبحوا في المستقبل هم الأغلبية، وهم حكام الدولة.

* هي فكرة مجنونة حقاً.. لكن.. ألا يمكن أن تصبح ذات يوم، فكرة معقولة.



assahm@maktoob.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد