Al Jazirah NewsPaper Sunday  05/04/2009 G Issue 13338
الأحد 09 ربيع الثاني 1430   العدد  13338
اما بعد
واقع التعليم بين الدراسات والقرارات 1-2
د. عبدالله المعيلي

 

في كل بلاد الدنيا قلّ أن تجد أُمّة راضية عن واقعها التعليمي، ولعدم الرضا هذا أسبابه ومسوغاته المنطقية، يأتي في مقدمتها الرغبة الجامحة في تحسين المخرجات لتتوافق مع حاجات التنمية ومتطلباتها المتجددة المتغيرة، وتكوين أجيال تتملك مهارات تنمية المعرفة وتوظفها في عمليات الاختراع والابتكار، ومن الأسباب عدم الوفاء بتوفير المستلزمات التعليمية والمكتبية الضرورية جدا لتسيير العملية التعليمية في حدودها الدنيا.

ولتحقيق واقع أفضل أجريت دراسات عديدة، وعُقدت مؤتمرات كثيرة، وشُكّلت لجان ورُصدت ميزانيات، ولكن ما زال واقع الحال دون الطموح المنشود، ولا يتوافق مع الإمكانات المادية والبشرية المتوافرة ولله الحمد في المملكة.

واقع التعليم يعاني من مشكلات مزمنة، ومعوقات واضحة، لا تحتاج إلى دراسات، ولا إلى لجان، بل أجزم بأن أحد الأسباب الرئيسة في عدم تجاوز مشكلات التعليم يرجع إلى الوقوف طويلاً أمام دراسات لا يلتفت إلى نتائجها، وإلى لجان لا تنهي مهماتها على الوجه المطلوب، أو بسبب إسناد جملة من المهمات إلى شخص أو أشخاص قد لا تتحقق فيهم الكفاية المرجوة؛ لذا فكل ما تحتاج إليه مشكلات التعليم اتخاذ قرارات جريئة، ومواقف حازمة، وتصحيح المسارات التي يسير فيها كما يسير حاطب الليل.

ومن تلك المشكلات التي بدت تبعاتها السلبية على التعليم ومخرجاته (التقويم المستمر)؛ حيث شمل هذا النمط في التقويم المرحلة الابتدائية كاملة، وهو أسلوب يتطلب مهارات عالية جدا لدى المعلمين، في أساليب التدريس، وفي كيفية التحقق من تملك الطلاب للمهارات التي يفترض أنهم تملكوها، فاعتماد هذا النمط وتوطينه بصفته ممارسة تربوية لا يمكن أن يتم بتعميم أو بتوجيهات نمطية لا تتجاوز الكراسة التي كتبت عليها، بل يحتاج إلى تدريب مستمر على جملة من المفاهيم والإجراءات التي يجب أن يتفهمها المعلمون ويقتنعوا بها ويلتزموا بتنفيذها قبل البدء في التعميم على عموم الصفوف الدراسية، ومن ثم تقويم مدى فاعلية ما تحقق، وهل نفذ كما يجب؟ وهل حقق مخرجات أفضل مما كانت تحققه الأنماط السابقة في التقويم؟ التي تعتمد أساساً على الاختبارات، هذا أمر لم يتم؛ لذا لا بد من وقفة تقويم شامل لهذا النمط، وحتى ينجز التقويم لعله يقصر (التقويم المستمر) على الصفين الأول والثاني الابتدائي فقط.

ومن الأمور التي يجب اتخاذ قرار مستعجل فيها إعادة اختبار (الثانوية العامة)؛ فقد ألغي هذا الاختبار دون مسوغات منطقية، علماً بأنه يعد أحد مؤشرات مخرجات التعليم على مستوى المملكة على الرغم مما يقال عن كلفته وعن مصداقيته، فالبديل القائم حاليا أسوأ بل يعد انتكاسة سوف تبدو نتائجها السلبية على مخرجات التعليم قريباً.

ومما يجب اتخاذ قرار فيه (التعليم الإلكتروني)؛ فالمسألة ليست تأمين أجهزة حاسب محمول لكل طالب وكفى، بل رشح عن التجربة المستعجلة التي اتخذت أن الأمر يتطلب برمجيات تعليمية تبين أنها غير متوافرة، ويتطلب تدريبا مستمرا للمعلمين، ويتطلب تقنيات مكلفة ماديا، ويتطلب خدمة متقدمة في الإنترنت لم تتوافر بعد، هذا غير إعادة تأهيل المباني المدرسية، والأهم من ذلك كله مدى إمكان تعميم هذا النمط من التعليم على كل المدارس في المملكة (بنين وبنات).

ومما يجب اتخاذ قرار فيه إبقاء (الصحة المدرسية)؛ حيث إن الحاجة التربوية تقتضي بقاء هذه المهمة في جهاز وزارة التربية والتعليم، وذلك بتبني مهمة التثقيف الصحي والتوعية في بناء الجسم والمحافظة عليه، وسلامته من الأمراض وقاية وعلاجاً.

للحديث بقية



Ab_moa@yahoo.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد