يروى أن شيخاً تجاوز الثمانين دخل إلى العيادة الطبية مستعجلاً؛ فلديه موعد لتناول الإفطار مع زوجته المصابة بالزهايمر، وحين سأله الطبيب عن حالتها أجاب: إنها منذ خمس سنوات لم تعد تعرفني، لكني لم أخلف موعدها يوماً. وإذ عجب الطبيب قال العجوز: هي لا تعرف من أنا لكني أعرف من هي.
* موقف نادر للحب، تجيء الإشارة إليه تزامناً مع قرب الإعلان الرسمي عن انطلاق أعمال الجمعيّة الخيرية السعودية لمرض الزهايمر؛ لتنضم إلى أكثر من خمس مئة جمعية خيرية تعمل بإشراف وزارة الشؤون الاجتماعية.
* الجمعية نتاج تفكير وتخطيط ورسم رؤية وتحديد أهداف وتكوين فرق عمل تطوعيّة تضم طالب الجامعة وأستاذها، ومتدرب الطب واستشاريه، وأرباب الأعمال وموظفيهم، تجمعهم روحُ الرغبة الصادقة في خدمة الوطن عبر فئةٍ هي الأغلى وهم كبارُ السن؛ من آلوا إلى الضعف بعد القوة وإلى الشيبة إثر الشباب، وكلنا هم.
* إحصاءات هذا المرض مخيفة، ونصف سكان العالم ممن تجاوزوا (الخامسة والثمانين) يعانون من (الخرف)، والإحصاءات لدينا قاصرة؛ فلا تزال عاداتنا الاجتماعية تتحفظ عن الإشارة لمثل هذه الأمراض بوصفِها تشويهاً لصورة شخص عزيز، أو إساءة لمكانته، وقد بدأت الجمعية - قبل أن تُشْهر - في محاولة التعامل مع هذه الظاهرة؛ فالإفصاح يعني التوعية، وهذه تمثل الرعاية، وبهما يسهل التعامل مع المريض، وتخف وطأة المرض.
* الجمعية ستحتفل بانطلاقتها قريباً، وسينضم إلى مؤسسيها المعدودين الآلاف، وهو ما يشير إلى بدء تبلور مفهوم مؤسسات المجتمع المدني التي بدأت تأخذ دور الريادة بعد انكفاء المؤسسات العامة والأهلية عن تقديم بعض الخدمات بحكم التخصيص الذي يجعل الحكومة ضابط جودة أكثر من مقدم خدمة، والشركات الخاصة معنية بالأنشطة الربحية على وجه التحديد.
* بات خطاب المجتمع المدني موجَّهاً عبر الجمعيات والهيئات والمؤسسات بما يخلق تكامل ثنائية (الدولة والمجتمع) في بناءٍ مؤسسي قادرٍ على سد الثغرات والرقي بالخدمات، كما تقومُ مؤسسات المجتمع المدني بتركيز مفهوم العمل التطوعي، وربما جاز لجمعية الزهايمر أن تسعد بوجود أعداد كبيرة من الشباب بين المتعاونين معها، وهو ما يشعر بضرورة التوجُّه إلى طلاب وطالبات المدارس والجامعات لتركيز هذا المفهوم التنموي الحيوي، ولنعرف أن التطوع ضرورة، ومسؤولية، وإضافةٌ نوعيّة، وزكاةٌ للبدن.
* التطوع لوحةُ حب.
Ibrturkia@hotmail.com