Al Jazirah NewsPaper Tuesday  24/03/2009 G Issue 13326
الثلاثاء 27 ربيع الأول 1430   العدد  13326
الحريات المرفوضة
مهدي العبار

 

* الحرية التي احتضنها الإسلام منذ أن انبثق نور الحق في عهد معلم البشرية وسيّدهم محمد -صلى الله عليه وسلم- الذي وضع للحرية حدوداً لا يمكن تجاوزها ولا يمكن التهاون بها، والحرية في الدين الإسلامي الحنيف هي حق مكفول للجميع ضمن حدود مصلحة الفرد والمجتمع..

والرسول -عليه الصلاة والسلام- قرر الحرية بكل أنواعها، إلا أنها حرية إنسانية مسؤولة، وفي عهد الدولة الإسلامية الأولى كان من شروط المواطنة الحقة للمسلم هو قول الحق والمجاهرة به سعياً لإحقاقه في المجتمع والإنسان الواعي، والمدرك هو رقيب على نفسه فيما يقول ويعمل، وقد كان للحرية مكانة مهمة عند النبي الكريم، فقد أخرج الإمام أحمد والترمذي والنسائي عن المصطفى -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله تعالى ما يظن أن تبلغ ما بلغت، يكتب الله عز وجل بها رضوانه).

والمسلم منذ أكثر من أربعة عشر قرناً وهو يملك الحرية ويتمتع بها وهي بلا شك الحرية المسؤولة حتى أن أبا (ذر) قال لمعاوية عندما قرر الأخير بناء قصر الخضراء، قال له: يا معاوية إن كانت الأموال التي تشيد بها هذا القصر من أموال المسلمين فهي الخيانة، وإن كانت من أموالك فهي الإسراف.

وإن الحرية في الإسلام تختلف عن مفهومها في الدساتير الغربية حتى ولو أنها اجتمعت على أن الحرية هي قدرة الأفراد على استعمال حقهم في التعبير عن آرائهم.

أما في المفهوم الإسلامي فإن الحرية تعني الوعظ والإرشاد واحترام الناس ومراعاة حقوقهم والمحافظة على أعراضهم وأرواحهم وأموالهم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واحترام الناس ومراعاة مشاعرهم. والحرية هي نفي كل ما ينمي أو يدعو إلى الرذيلة والإباحية والانحلال. الحرية هي رفض مبدأ انتقاص الحقوق التي يستحقها الإنسان.

إننا في هذا العصر نجد أن للحرية مساحة كبيرة وتتجلى في أرقى صورها في سياسة الأبواب المفتوحة. الحرية الحقة نشاهدها عندما يأتي رجل كبير السن ويجلس أمام خادم الحرمين الشريفين ويخاطبه وجهاً لوجه ويشرح له عن قضيته التي جاء من أجلها!!

الحرية تتمثل في أن يأتي مواطن من الصحراء ويشرح للملك المفدى دون رقابة ودون تدخل من أحد عن احتياجات هجرته أو قريته أو إبله أو ماشيته. الحرية في بلادنا التي من خلالها يعبر المواطن عن آرائه ومقترحاته ومتطلباته ضمن الحدود الشرعية.

الحرية هي الولاء والإخلاص وطاعة ولي الأمر بعد طاعة البارئ عز وجل..

ولهذا فإننا لا نريد حرية تدعو إلى التعصب الأعمى.

لا نريد حرية تدعو إلى التنكر للوطن ومحاربة أهله.

لا نريد حرية تدعو إلى الانسلاخ من القيم والمبادئ.

لا نريد حرية تدعو إلى الشتم والنميمة والقال والقيل.

لا نريد حرية تهضم الحقوق ولا تراعي مصالح الناس.

لا نريد حرية تدعو إلى الموضة والتقليد الأعمى.

لا نريد حرية تدعو إلى العقوق وعدم احترام الصغير للكبير.

لا نريد حرية التباهي بالمظاهر الزائفة.

لا نريد حرية تدعو إلى السلب والنهب.

لا نريد حرية التفاخر بالقبيلة.

لا نريد حرية تدعو إلى هضم حقوق الجار.

لا نريد حرية تدعو إلى تعدد الأعياد.

لا نريد حرية من خلالها يتسبب الفرد في هلاك نفسه.

لا نريد حرية تجعل التاجر يستغل الناس.

لا نريد حرية تدعو صاحب العمل إلى عدم الوفاء بالعقود.

نحن بالتالي مجتمع يرفض كل السلبيات، وهي لا تقر أبداً، ونعتبرها حريات مرفوضة؟



mahdi@aboabar.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد